بعدما كان قرار تنظيم ما يعرف بـ"مسيرة الأعلام" يخص شرطة الاحتلال الإسرائيلي، أصبح يحتاج إلى موافقة من أعلى مستويات القيادة السياسية والعسكرية لدى دولة الاحتلال، وذلك بعد معركة "سيف القدس"، وتهديدات المقاومة الفلسطينية بالرد على تجاوزاته إذا نُظمت المسيرة ومسّت المسجد الأقصى المبارك.
وبعدما ألغى الاحتلال المسيرة على وقع نيران معركة "سيف القدس" الشهر المنصرم، عاد مجددا لمحاولة تنظيمها تحت ضغط شارع المستوطنين، لكن هذه المرة بان تردده ما بين الإلغاء والتأجيل أو تنظيمها مع تغيير مسارها، وكل ذلك استجابة لتهديدات المقاومة الماثلة.
وأبلغت سلطات الاحتلال الجماعات الاستيطانية التي دعت إلى "مسيرة أعلام" جديدة في القدس المحتلة، بإلغاء ترخيصها، وتحديد مسار جديد لها، وأمام هذا التردد الجديد عمت حالة من الفخر بين المواطنين، وسط تأكيد أن ذلك جاء تتويجًا لانتصار المقاومة في غزة.
وعبّر المواطنون وبعض الشخصيات العربية عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن دعمهم للمقاومة الفلسطينية، خاصة بعد علو كلمتها على قرارات الاحتلال بشأن المسيرة التي كانت قبل المعركة الأخيرة تمر مرور الكرام.
واعتبر المواطنون أن المقاومة حققت حالة من الردع وشكلت حماية للمسجد الأقصى ومدينة القدس، بحيث أصبح الاحتلال يفكر كثيرًا قبل استباحة المدينة أو المقدسات الإسلامية فيها.
الإعلامي القطري جابر الحرمي قال في تغريدة له عبر حسابه في "تويتر": "للمرة الثانية.. الاحتلال يُقرر إلغاء مسيرة الأعلام التي كان سينظمها المستوطنون في القدس.. والإعلام الإسرائيلي وأعضاء في الكنيست: من الخزي والعار أن يتحكّم بنا يحيى السنوار (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة)".
وأضاف الحرمي أن "المسيرة كان مقرر لها الانطلاق في 28 رمضان، لكنها ألغيت بتهديدات من حماس.. والمشهد يتكرر".
وكتب الناشط محمد المدلل عبر حسابه في "تويتر": "للمرة الثانية خلال شهر.. بأمر من القائد العام محمد الضيف (قائد أركان كتائب القسام الجناح العسكري لحماس) إلغاء مسيرة الأعلام في القدس المحتلة رغم إصرار المستوطنين على تنظميها، الخبر كما يجب أن يُكتب".
الناشط أدهم أبو سلمية تداول مقطع فيديو لمستوطن إسرائيلي، كمسرحية قصيرة، يتحدث فيه عبر هاتفه مطالبًا السنوار بالسماح لهم بالمشاركة في "مسيرة الأعلام".
وكتب ناصر ناصر عبر حسابه في "تويتر": "أعلام فلسطين سترفرف بكثافة على مآذن وكنائس وكل أنحاء القدس، بعد أن اندحرت فلول المستوطنين وتم إلغاء مسيرة الأعلام الاستفزازية خشية من هبة الفلسطينيين ضدها.. إنها مواقف عزة قلّ نظيرها في زمن الهزائم العربي".
الكاتبة د. زهرة خدرج كتبت عبر حسابها في "تويتر": "لما يكون وراء ظهورنا مقاومة قوية أثبتت نفسها ندا، ليس فقط سيتم إلغاء مسيرة الأعلام بل سيتم إلغاء الكيان الصهـيوني من الأساس".
وأكد الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف أن تهديدات قيادات المقاومة، وتحديدًا الأخيرة لنائب حركة حماس في قطاع غزة د. خليل الحية، بشأن مسيرة الأعلام، جعلت الاحتلال يأخذها في عين الاعتبار.
واعتبر الصواف في حديث لصحيفة "فلسطين" ما يحدث من تردد إسرائيلي بشأن "مسيرة الأعلام" دليلا واضحا على تأثير معركة "سيف القدس"، وهو ما انعكس إيجابا على روح الشعب الفلسطيني.
وقال: "نجد التأييد الواسع من الجمهور الفلسطيني تجاه مقاومته، والعدو لا يعرف إلا لغة القوة، وجرب قوة المقاومة ولا يريد العودة مرة أخرى في ظل الأوضاع التي يعيشها"، موضحا أن الاحتلال يعلم أن "مسيرة الأعلام" لا تشكل له مصلحة بل أزمة كبيرة.
وكان وزير جيش الاحتلال بيني غانتس قال في وقت سابق: إن "تنظيم مسيرة الأعلام في الوقت الحالي يمكن أن يضر بإجراءات سياسية ويجر المنطقة إلى حالة أخرى من التوتر".