لم يبقَ الصراع الدائر في بلدية نابلس تحت الماء، بعد تقديم رئيس البلدية سميح طبيلة وأربعة من أعضاء المجلس البلدي استقالاتهم مساء الأحد الماضي، في إثر الأزمة المتعلقة بتدوير منصب رئيس البلدية.
وبرز الخلاف داخل المجلس البلدي قبل أيام، بعد المطالبة بتطبيق الاتفاق الموقع بين أقطاب قائمة "نابلس الموحدة" التي خاضت الانتخابات المحلية عام 2017.
ويقضي الاتفاق الذي رعته حركة فتح بالتناوب على رئاسة البلدية، بحيث يتولى عدلي يعيش رئاستها لمدة عامين، ومن ثم يتولى سميح طبيلة الرئاسة لعامين آخرين، لكن الأخير رفض التنازل عن المنصب لصالح محمد الشنار (شخصية مستقلة) حسب الاتفاق الذي نص على توليه للرئاسة في حال تأجلت الانتخابات البلدية، وربط ذلك بشرط تسلمه إدارة شركة الكهرباء التي كان يرأسها الشنار نفسه وتوزيع مناصب إدارة العقارات الأخرى، وهو ما رفضه أعضاء المجلس البلدي.
وتسلط هذه الأزمة الضوء على التدخل الحزبي في عمل البلديات، حيث وقع طبيلة والأعضاء: سماح الخاروف، وساهر دويكات، وغسان المصري، وحسان جابر، على كتاب استقالة جماعية موجه لوزير الحكم المحلي مجدي الصالح.
مخالفة الاتفاق
وفي هذا السياق يقول منسق تجمع مؤسسات المجتمع المدني في نابلس سامر عنبتاوي: إن "التدخل الحزبي في البلدية، جعل هذه المصالح تتحكم فيها، وأصبح العمل الحزبي يسيطر عليها بدلا من التوجه نحو المجتمع".
وأوضح عنبتاوي لصحيفة "فلسطين"، أن المجلس البلدي انتخب منذ أربع سنوات، وفازت به أكثر من كتلة، وتم الاتفاق بينها على تبادل رئاسة البلدية والقضايا الداخلية، لكن الخلافات تعمقت وأثرت في أداء المجلس، "بمعنى أن تقييمات العمل والإنجازات تراجعت بشكل كبير بسبب الخلافات الداخلية والتعصب".
وأشار إلى أن الانتخابات البلدية كانت مقررة في مايو/ أيار الماضي، لكنها تأجلت إلى نوفمبر/ تشرين الثاني القادم بسبب الانتخابات التشريعية التي ألغيت.
وذكر عنبتاوي أن القضية تأججت وقادت إلى تدخل الغرفة التجارية وإقليم حركة فتح، مشددا على ضرورة إنهاء التدخلات الخارجية بالبلدية سواء من الحكومة أو أي حزب آخر، "فبلدية نابلس عريقة وهي من أقدم البلديات ويزيد عمرها على 150 عاما، وكان لها دور وطني واقتصادي واجتماعي، ويجب احترام رمزية المؤسسة وعدم الوصول بها لهذه المهاترات".
عدم تغيير القانون
لكن ليس التدخل الحزبي الوحيد المتسبب بالاستقالة وفق رئيس اتحاد البلديات بالضفة موسى حبيب، بل إن عدم تغيير قانون الانتخابات للهيئات المحلية يعد سببا ثانيا للأزمة.
وقال حبيب لصحيفة "فلسطين": "نظام الانتخابات يفرض أنواعًا من التحالفات من أجل قيام البلدية بأعمالها المطلوبة، ومنها تكون عرضة للهزات التي قد تصل لحل المجلس وإقالته من قبل وزارة الحكم المحلي"، مؤكدًا وجود حاجة ملحة لقانون عصري يتعامل مع الحالة الفلسطينية كمجتمع يمزج بين الفكر الفصائلي والعشائري.
كما شدد على حاجة القانون كله للتغيير، مبينًا أن أكثر من دراسة قدمت لوزارة الحكم المحلي من أجل تغيير قانون الانتخابات بحيث يوضح آليات تشكيل القوائم وطريقة الانتخاب ومدة عمل المجلس وجملة من التفاصيل الأخرى.
وقال حبيب: إن تغيير قانون الانتخابات يضمن عدم تحول العملية إلى صراع وخلافات تعيق عمل المجلس.
وأضاف: "الجميع كان يتأمل وصول الانتخابات التشريعية إلى نهايتها ليعمل المجلس التشريعي الجديد على تشريع قانون جديد لانتخابات الهيئات المحلية، لسلبية القانون الحالي الذي يعتمد على المنطقة الجغرافية وتركيبة المدينة والقرية التي تتم الانتخابات فيهما".