إدارة المواجهة الأخيرة، وصدّ العدوان عن غزة، برعت فيه حماس كما لم تفعل في أي مرة سابقة لاعتبارات كثيرة، لكن الأكثر بروزًا، هو الاهتمام المبكر من كل الأطراف بالأحداث، وهذا يستند إلى إدارة المواجهة ذاتها بما قدمته المقاومة من عمل متقن وحرفي في مواجهة الاحتلال.
قاد إسماعيل هنية رئيس حركة حماس العمل الدبلوماسي باقتدار في تناغم كبير مع العمل العسكري، حيث تصدرت حماس وحدها إدارة عملية التفاوض من اللحظة الأولى التي سبقها تحرك دبلوماسي خاص قاده هنيـة أيضًا بالتحذير من سلوك الاحتلال؛ ما سهل إدارة المواجهة السياسية.
وازنت حماس في إدارة المواجهة قبل المعركة وفي أثنائها وبعدها منفردة، وبنفس الوقت نسقا بشكل مناسب مع شركائها في المقاومة، وأغلقت بالوقت نفسه الباب مبكرًا أمام السلطة التي تجرعت حماس خذلانها السابق وإدارتها الفاشلة للتفاوض عام 2014، عندما قاد الوفد الفلسطيني حينه عزام الأحمد الذي كان يتمنى هزيمة المقاومة، وانصبّ دورها على تسجيل مكتسبات للسلطة، أهمها نزع سلاح المقاومة وتولي السلطة إعادة الإعمار.
هذا لم يحدث هذه المرة، نظرًا للحنكة الدبلوماسية التي قادها هنية شخصيًا بتنسيق مباشر مع الميدان ومع رئيس الحركة في غزة يحيى السنوار الذي أتقن إدارة المواجهة بالمستوى نفسه، وهو ما ظهر لاحقًا من خلال إفشال الاحتلال ومخططاته في تدمير المقاومة.
حالة التناغم بين الدبلوماسية والحالة الثورية، تُرجِمت بعودة القضية الفلسطينية للواجهة بثورية السنوار الذي اعترف الاحتلال بأنه تسبب بهزيمته، وأثبت صدقيته، وعمله الدؤوب لتحقيق هدفه بالتحرر من الاحتلال.
ما بين الدبلوماسية والثورية حالة انسجام كبيرة، استطاعت فيها حماس إعادة القضية الفلسطينية لوضعها الطبيعي، كأهم قضية على مستوى العالم، وتسعى كل الأطراف لمعالجة تداعيات المواجهة الأخيرة.