فلسطين أون لاين

"سامر".. بيت ومحل وصديق غابوا بفعل صاروخ إسرائيلي

...
غزة/ مريم الشوبكي:

عدوان متلاحق، الأرض تهتز من كل الاتجاهات، لا تستطيع أن تحدد وجهة القصف أو مكانه، كأن زلزالًا ضرب الأرض من تحتك، فجأة انقطعت الكهرباء وازدادت ظلمة الليل حلكة، والدخان والغبار يزكم الأنوف.

حينها لم يستطع سامر أبو كميل أن يعرف مكان القصف، ظل مختبأً في بيته والذي تصدعت جدرانه ووقع بعضها، وهو لا يعلم أن صواريخ الاحتلال طالت حديقة بيته الأمامية وخلفت حفرة كبيرة فيها وأحدثت شروخًا في المحلات المجاورة له ودمرت الرصيف.

وقعت هذه الجريمة في دقائق معدودة حينما كانت عقارب الساعة تخطت الواحدة بعد منتصف الليل، بالقرب من بيت أبو كميل الذي يقع في حي النصر بمدينة غزة، وتزامنت مع مجزرة شارع الوحدة في 16 من مايو/أيار.

التصرف اللاإرادي حينما تسمع أن بيتك بدأ يتصدع تركض إلى الخارج خوفًا من سقوطه عليك وأن تصاب بأذى، ولكن أبو كميل آثر البقاء، لأنه لا يعرف وجهة القصف بسبب الظلام، وخشي أن يطاله القصف الذي ربما يكون في مكان آخر، وهذا كان سببًا للنجاة بنفسه.

وقف سامر أمام بيته المتصدع، يشاور للعمال للبدء بتفريغ البيت وإزالة ما يحتاج إليه من أثاث، تمهيدًا لإزالته بالكامل بحسب تقييم وزارة الأشغال، لأنه قد ينهار في أي لحظة ويسبب أضرارًا في البيوت المجاورة له.

يقول سامر (45 عامًا) لصحيفة "فلسطين": "هدأ القصف قليلًا فخرجت مسرعًا لبيت أهلي في برج المهندسين المقابل لي، حينها عرفت من الأخبار أن طائرات الاحتلال قصفت شارع الوحدة، فأسرعت لتفقد محلي في عمارة عجور فوجدته مدمرًا جزئيًّا، نسيت تدمير محلي وبيتي لأني صعقت بما شاهدته في مجزرة شارع الوحدة وفقدان أعز أصدقائي من عائلة الكولك تحت الأنقاض".

ثلاث سنوات مرت على شراء سامر البيت بالشراكة مع إخوته، حيث كان يخطط أن يجري فيه إصلاحات لأنه من الطراز القديم، وفي عشية وضحاها تدمر كل شيء.

قبل أن يطال بيته القصف، كانت والدته ووالده يخططان للاحتماء ببيته لأنه يسكن في الطابق الأرضي باعتباره أكثر أمانًا من الشقة التي تقع في الطوابق العلوية في البرج الذي يسكنونه، ولكن بعدما دمر بيته حمدوا الله أنهم لم يقدموا على هذه الخطوة.

بعد أن وضع العدوان أوزاره، انشغل أبو كميل ما بين تفريغ ما تبقى من محتويات صالحة في عمارة عجور الذي يزال حاليًّا، والإشراف على نقل ما لم يدمر من البيت الذي سيزال في الأيام القادمة، فقد انهارت أجزاء من السور الخلفي على منجرة جيرانه التي دُمرت بالكامل.

يؤكد أبو كميل أن المال يعوَّض ولكن الصحة والفقدان لا يعوضان، فحتى اليوم لا يزال يعيش تحت الصدمة باستشهاد أعز أصدقائه عز الدين الكولك وأبناؤه تحت أنقاض بيتهم في مجزرة شارع الوحدة.

ثلاثُ مِحَنٌ عاشها الرجل ما بين تدمير البيت والمحل واستشهاد رفيق العمر، ومع ذلك ما يزال يؤكد أن الفلسطيني ما دام فيه نَفَس سيبقى يقاوم حتى يحصل على حقوقه ويسترجع أرضه.