التصريحات الصادمة التي أدلى بها ماتياس شمالي مدير وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "الأونروا" في غزة للقناة الإسرائيلية "12" والتي أشاد خلاها بـ"الحرفية العالية ودقة القصف الذي نفذه جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة" خلال أحد عشر يومًا من العدوان المتواصل، متجاهلًا استشهاد 254 فلسطينيًّا غالبيتهم من اللاجئين، من بينهم 66 طفلًا، و39 امرأة، و17 مُسِنًّا فلسطينيًا نتيجة ذلك القصف الذي اعتبره شمالي دقيقًا وتم بحرفية عالية في استخفاف واضح بدماء الفلسطينيين الأبرياء ومشاعر ذويهم المكلومين.
صدمة الشارع الفلسطيني من تصريحات شمالي مردُّها أن الكثير من الدول والمنظمات الدولية ضجَّت غضبًا من جرائم الإبادة التي ارتكبتها طائرات الاحتلال باستهدافها العديد من العمارات المأهولة بالسكان، وتعمُّدها تدمير ستة أبراج سكنية شاهقة، إضافة إلى استهدافها "1174" وحدة سكنية بدقة وحرفية عالية -كما يزعم شمالي- وتشريد أهلها دون إمهالهم أي فرصة لإخلاء أغراضهم من داخل المنازل المستهدفة، أو إتاحة المجال لهم لإيجاد مأوى بديل، إضافة إلى تدمير عشرات الأعيان المدنية والبنية التحتية في غزة، مثل المقرات الخدماتية العامة والمدارس والشوارع ومحطات تحلية المياه، والمقرات الإعلامية المحلية والدولية، وكأن شمالي ومستشاريه الدوليين لا يتابعون شاشات التلفاز، ولم يسمعوا أصوات آلاف القنابل الذكية وهي تنهمر فوق غزة طيلة أحد عشر يومًا متتالية.
إن انحراف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين عن دورها الإنساني المنشود، وتوفيرها غطاءً سياسيًّا لجرائم الاحتلال في غزة، وتجاهلها جريمة إبادة تسعة عشر عائلة فلسطينية بدم بارد، بعد استهداف طائرات الاحتلال للمناطق السكنية المكتظة باللاجئين الفلسطينيين، يشير إلى الأهداف السياسية الخفية التي يعمل شمالي على تحقيقها، والتي بدأت تظهر منذ تسلمه مهامه في غزة على شكل عجز مالي حاد، وقرارات إدارية تحدّ من الدور الإنساني للأونروا، مثل تخفيض الطرود الغذائية للاجئين، والعزوف عن تقديم أي رعاية لعشرات الألوف من اللاجئين الذين لجؤوا إلى مدارس الأونروا هربًا من قصف طائرات الاحتلال لأماكن سكناهم.
وبالنظر إلى السيرة الذاتية للسيد شمالي نجد أنه خلال إدارته لعمليات الأونروا في لبنان تراجعت الخدمات الإنسانية التي تقدمها "الأونروا" للاجئين الفلسطينيين بشكل حاد، كما ألغى آلاف الوظائف في "الأونروا"، ونجح في تمرير تقليصات كبيرة في الخدمات التعليمية الأمر الذي أدى إلى أزمة إنسانية كبيرة، ضاربًا بعرض الحائط الحالة الإنسانية الهشة للاجئين الفلسطينيين، ومتجاهلًا مطالب قيادتهم السياسية في لبنان.
ومنذ انتقاله إلى إدارة عمليات الأونروا في غزة، في أكتوبر 2017م بدأت تتصاعد الأزمات المالية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، بدءًا من أزمة عدم وجود سيولة لدفع الرواتب، وتجميد التوظيف اليومي، والتوقف عن تعبئة الفراغات والشواغر الوظيفية وتثبيت الموظفين، وإيقاف عقود البطالة، وإنهاء عقود العشرات من الموظفين ممَّن مضى على تعيينهم على بند العقد المؤقت أكثر من عشرة أعوام، إضافة إلى تقليصات المساعدات الغذائية، في سياسة متدرجة نحو إنهاء الدور الإنساني، والخدمات التي تقدمها وكالة الغوث اللاجئين الفلسطينيين.
إن ما ذكرته آنفًا من سيرة سيئة للسيد شمالي في التعامل مع قضية اللاجئين الفلسطينيين طيلة السنوات الماضية في لبنان وغزة، وخطواته المتلاحقة لإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين ليست بعيدة عن المطالبات السياسية لدولة الاحتلال بتوطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن وجودهم، وإنهاء الدور الإنساني لوكالة الغوث، ومنع الدول من تقديم المساعدات الإنسانية لهذه المؤسسة الأممية، التي تمثل الشاهد القانوني الوحيد على استمرار معاناة اللاجئين الفلسطينيين، الذين يطالبون بحقهم في العودة إلى ديار الآباء والأجداد في فلسطين المحتلة.
ختامًا ومع حالة الغضب التي استشرت في الشارع الفلسطيني نتيجة تصريحات شمالي، وسياساته العدوانية للشعب الفلسطيني، وإعلان دعمه الواضح لجيش الاحتلال في عدوانه الغاشم على قطاع غزة، فإننا ندعو إلى إطلاق فعاليات رافضة لاستمرار وجود هذا الرجل في منصبه في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في غزة، كما نوصل رسالة غزة والمكلومين فيها بأن ماتياس شمالي غير مرحب به بين أهالي غزة.