فلسطين أون لاين

بعد أن دمَّر الاحتلال مصدر رزقه الوحيد

"الجاروشة" يعود إلى ممارسة مهنة الحلاقة فوق أنقاض صالونه المدمر

...
صورة أرشيفية
غزة/ جمال غيث:

بكَراسٍ بلاستيكية بسيطة، أعاد هاشم الجاروشة شيئا من حياة كانت تنبض بداخل صالون الحلاقة الخاص به، الذي أصبح أثرا بعد عين، في إثر استهدافه من طائرات الاحتلال الإسرائيلي ظهر الأربعاء 12 أيار/ مايو الجاري.

بدأ الجاروشة (33 عامًا) بممارسة مهنة الحلاقة، بأدوات يدوية حصل عليها خلال الأيام الماضية ليوفر قوت أسرته المكونة من أربعة أفراد بعد أن دمر الاحتلال مصدر دخله الوحيد.

وبصمود وعزيمة، يقول الجاروشة، الذي يعمل في مهنة الحلاقة منذ 17 عامًا: "لن أفارق المكان وسأواصل عملي".

وعن طبيعة ما حدث أوضح أنه تلقى اتصالًا ظهر 12 مايو أيار الجاري، من أحد جيران المكان يخبره بقصف البناية الواقعة بشارع المخابرات شمال مدينة غزة دون أي أسباب، وأن عليه إخلاء المكان فورًا.

كانت البناية التي قصفتها طائرات الاحتلال، مكونة من طابق واحد وتضم محالّ تجارية عدة، ويجاورها بنايات سكنية مكونة من خمسة طوابق.

وقد أدى القصف إلى تدمير صالون الحلاقة بالكامل وأحاله إلى كومة من الركام.

وباستهداف صالون الحلاقة، فقد الجاروشة، وثلاثة عمال يعملون معه مصدر دخلهم الوحيد وباتوا الآن عاطلين عن العمل.

ويقول الجاروشة: إنه افتتح صالون الحلاقة الخاص به قبل نحو أربعة أعوام، وكان يحتوي على أجهزة ومعدات متطورة لحلاقة وتصفيف الشعر وتنعيم البشرة.

وتمكن الجاروشة، من افتتاح الصالون الخاص به وأطلق عليه اسم "صالون هاشم" بعد جهد طويل ومجازفة كبيرة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعانيها قطاع غزة المحاصر، إذ عمل في أكثر من صالون، قبل أن يفتتح منشأته الخاصة، كما يقول.

وحاول الجاروشة، طوال السنوات الماضية تطوير وتوسعة صالونه، ليصبح أكثر من مجرد مصدر للدخل، مضيفًا: "كنت أقضي معظم وقتي في الصالون، فكان حلمي، والآن أصبح الآن رمادا".

ورغم سوء الأوضاع التي تعرض لها هذا الشاب بعد القصف الذي طال صالونه، يكرر: "الحمد لله على كل حال.. ربنا يفرجها".

ويؤكد أن العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، كان صعبًا جدًا فالاحتلال تعمد قصف البشر والحجر والشجر، رغم أنه استمر 11 يومًا، مقارنة بما حدث خلال عدوان 2014، وعدوان 2008- 2009 واللذين عايشهما أيضًا.

وحاول الجاروشة، كما يقول، تجميع بعض المعدات والأجهزة من مكان القصف، لكن للأسف جميعها دمرت ولم يتبقَّ منها شيء.

ملاحم الصمود

ولا يقتصر الحال على الدمار الذي تعرض له صالون الجاروشة فقط، بل طال الضرر منزله القريب من المكان، فجميع نوافذ وأبواب المنزل تحطمت، وتصدعت جدرانه ودمر أثاثه، من شدة القصف.

ويؤكد أنه لن يتخلى عن مهنته وسيواصل العمل بها ومن أمام وفوق أنقاض صالونه، بعد أن دمره الاحتلال الذي حاول أن يجعله بلا عمل وغير قادر على إعالة أسرته.

ولم يستطع الدمار الذي حل بمنازل الفلسطينيين ومحالهم التجارية ومصادر دخلهم أن يفت من عضد الغزيين الذين يصرون على تسطير ملاحم الصمود والثبات في مقارعة الاحتلال الإسرائيلي.

وأسفر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة خلال 11 يومًا عن استشهاد 248 فلسطينيا، بينهم 66 طفلا و39 سيدة و17 مسنًا، وإصابة أكثر من 1948 بجروح مختلفة، بحسب إحصائية صادرة عن وزارة الصحة بغزة.

ووفق إحصاءات حكومية، تعرضت 1447 وحدة سكنية في غزة للهدم الكلي بفعل القصف الإسرائيلي، إلى جانب 13 ألفا أخرى تضررت جزئيًا وبدرجات متفاوتة.

وبلغ عدد الوحدات السكنية التي تعرضت للهدم الكلي بالكامل 1800 وحدة سكنية، في حين بلغ عدد المساكن المتضررة جزئيا 16 ألفا و800 وحدة سكنية، وفق ما قاله وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان ناجي سرحان.

وخلّف العدوان على قطاع غزة، بحسب سرحان، واقعًا إنسانيًا صعبًا مع نزوح أكثر من 120 ألف مواطن من منازلهم بسبب القصف.