فلسطين أون لاين

محمد محسن.. عامل يكافح "في سبيل الحياة"

...
غزة- هدى الدلو:

"العامل يكدّ طيلة حياته ليحصل على قوته اليومي، وبعرق جبينه يحلم بحياة كريمة له ولعائلته، وبيت يؤويه وهو ينظر إلى العمل على أنه عبادة وكرامة وشخصية وكينونة للإنسان، وكله أمل في كرم الله عليه، لكونه إنسانًا مثابرًا وطموحًا ويرضى بالقليل"، كلمات كأنما تحدث بها قلب الشاب محمد محسن (27 عامًا) لا لسانه فحسب.

محسن من شمال قطاع غزة يحمل شهادة البكالوريوس في اختصاص علم النفس، لم يألُ جهدًا منذ تخرجه عام 2016 في البحث عن وظيفة ضمن مجال دراسته، لكنه لم يتمكن من ذلك، مع انعكاسات الحصار الاحتلالي الطويل لقطاع غزة، فعمل في مجال نقليات العفش، والطوبار.

يقول لصحيفة "فلسطين": "كأي خريج أملت الحصول على وظيفة في مجال دراستي، خاصة أن اختصاصي له علاقة بالواقع الفلسطيني، ولم أكتفِ بالدراسة بل تلقيت العديد من الدورات والنتيجة واحدة".

لم يترك أي مؤسسة إلا وضع لديها شهاداته وخبراته وطلب التوظيف أو التطوع، ومع ذلك لم يحصل على الدعم المعنوي والمادي مع أنه حاصل على تقدير متميز في الجامعة.

يوضح محسن أنه كان قد حصل على وظيفة ضمن مجال دراسته، مدة لا تتعدى ثمانية أشهر فقط.

تأثر نفسيًّا، وتحول ذلك إلى مرض عضوي بمشكلة ارتفاع ضغط الدم، لكونه تعب واجتهد في دراسته، وكبد أهله ثمن الرسوم الجامعية، واليوم يفترض أن ينتشلهم معيشيًّا بعمله لمساعدتهم، وتأمين حياته المستقبلية، لكونه مقبلًا على تكوين بيت وعائلة، ويحقق ذاته.

لكن هذه الظروف الصعبة كانت دافعًا له للبحث عن أي فرصة عمل، حتى لو كانت بعيدة عن مجال اختصاصه الدراسي، فعمل في التحميل ورفع الأثاث عند أحد أقاربه، ولكنه توقف عن العمل عنده بسبب جائحة كورونا.

ويشير محسن إلى أنه تحدى كل الظروف، لأن العمل أيًّا كان شكله فهو ليس عيبًا، "المهم أن تكفي حاجتك ولا تكون عالة على أحد"، ثم انتقل إلى العمل في مجال "الطوبار" (أعمال البناء) وتوقف لتأثيره في ضغط الدم الذي فرض عليه ألا يقوم بمجهود جسدي متعب.

ويبين أن واقع العامل الفلسطيني صعب، حيث كثير من العمال يوميتهم لا تتجاوز 20 شيقلًا وأحيانًا أقل من ذلك، إلى جانب عدم حصول بعضهم على التقدير المعنوي اللازم.

ويرى محسن أن العامل يواجه العديد من المشاكل بطبيعة العمل، وعدم قدرته على إشباع الرغبة في العمل بمجال الدراسة لقلة الفرص المتاحة.

ويكمل: "العامل الفلسطيني إنسان بسيط، لكن عمله عظيم، ورغم قلة الإمكانات والحصار وعدم القدرة على مواجهة الواقع رضي بالحد الأدنى والقليل، ومشكلتي ومشكلة أبناء الجيل الخريج منهم والعامل عدم وجود فرص جديدة".

ويطمح محسن إلى الاهتمام بواقع العمال ورفع الحد الأدنى لأجورهم، وفتح مجالات وأفق لهم وللخريجين، وباب للوظائف، وزيادة العمل على التقليل من نسب البطالة.