فلسطين أون لاين

"حارسات الأقصى" قلوب تعلقت به وعيون ساهرة على أمنه

...
زينات أبو صبيح
القدس المحتلة-غزة/ مريم الشوبكي:

المسجد الأقصى عاش معها تفاصيل طفولتها، كانت زينات أبو صبيح في أثناء ذهابها إلى مدرستها الابتدائية في حي سلوان تمر ببابي الغوانمة والمغاربة، كان والداها يصطحبانها للصلاة في رحابه حيث يبعد عن بيتها في حارة السعدية مسافة خمس دقائق.

الأقصى يمثل لزينات الجنة التي لا تستطيع العيش خارجها، نذرت نفسها للرباط فيه وخدمته، تزوجت وانتقلت للعيش في حي وادي الجوز، ولم تنقطع عن الوجود فيه، حيث تحفظ الأطفال القرآن على مصطبة باب المغاربة.

شعرت زينات أن دورها يجب أن يكون داخل أسوار الأقصى، استقالت من وظيفتها معلمة، وتفرغت للرباط في باحاته، حتى سنحت لها فرصة التقديم لوظيفة حارسة للمسجد الأقصى، وعينت رئيس لحارساته منذ 2014.

مهمة رئيسة حارسات الأقصى في شهر رمضان تنصب في وضع خطة تليق بالشهر الفضيل إذ يتوافد آلاف الفلسطينيين إليه، تقول زينات: "يتضاعف العمل في هذا الشهر، لذلك يزيد عدد الحارسات، ويوزعن على مناوبات صباحية ومسائية تمتد حتى انتهاء صلاة التراويح".

وليلة القدر تبذل الحارسات جهدًا أكبر، تبين زينات لصحيفة "فلسطين" أن الترتيبات لهذه الليلة تبدأ من صبيحة اليوم الذي يسبق ليلة القدر إلى اليوم الثاني، وتستدعى حارسات لمعاونة الأساسيات منهن لتنظيم دخول وخروج النساء إلى مصلى قبة الصخرة الذي لا يستوعب إلا عددًا قليلًا منهن.

وتوضح أنهن يقمن بعمل مسارات وطرقات لتأمين دخول وخروج المصليات إلى الأقصى، بالتعاون مع لجان النظام في الأقصى.

طبيعة عمل الحارسات في الأقصى لها حساسية لرمزيته الدينية، ويقابلها صعوبات ومعيقات تضعها شرطة الاحتلال، تذكر زينات أنهن يواجهن التفتيش اليومي لحقائبهن والتحقق من بطاقتهن الشخصية.

وتشير إلى أن الاحتلال في السنوات الأخيرة زاد وتيرة اقتحام المستوطنين للأقصى في رمضان وتدنيسه، واستفزاز المقدسيين، بإقامة طقوس "تلمودية".

تقول زينات: "أمام هذه المشاهد نشعر بالقهر والاستفزاز، ونعجز عن فعل أي شيء لأننا إما سنعتقل أو نبعد".

وتكمل: "لكن يبقى الأقصى جنة الله على الأرض، وسعادتي بالوجود فيه لا تصفها الكلمات، فالمسلمون يرجون أداء ولو ركعتين فيه، فهو رمز العزة والكرامة لكل مسلم في كل أنحاء العالم".

تعلق بالمسجد

فتحت جمانة غوشة عينيها على القبة الذهبية، وكان أول صوت يخترق أذنها صوت أذان المسجد الأقصى، ووعيت على هذه الحياة وجدها ووالدها وأعمامها وإخوتها يعملون حراسًا في المسجد الأقصى، لأن الله حباهم بالسكن بالقرب منه في باب الساهرة.

تعلق قلب جمانة بالمسجد الأقصى، ورجت الله أن تعمل حارسة فيه منذ الصغر، والقدر جمعها بزوجها الذي يعمل حارسًا أيضًا فيه، تزوجت في سن صغيرة وتفرغت لتربية خمسة أطفال، وبعد بلوغها الأربعين الحلم بات حقيقة حينما حصلت على وظيفة حارسة للأقصى.

تقول جمانة (44 عامًا): "دخلت الأقصى بنية الرباط فيه ثم بنية العمل إذ حصلت على الوظيفة عام 2015، فأنا أعده بيتي الأول، وبيت الزوجية هو بيتي الثاني".

تقصد جمانة الأقصى يوميًّا في شهر رمضان الساعة السابعة والنصف لتسلم عملها في المناوبة الصباحية حتى الساعة 1:30م ظهرًا، في المصلَّيات المصفوفة لتنظيم صفوف النساء، وتصحيح المفاهيم الخطأ للمصلِّيات، والفصل بين النساء والرجال في الصلاة في مصلى قبة الصخرة.

أما ليلة القدر ففيها يتغير دوام جمانة، تضيف: "يبدأ دوامي من صلاة التراويح حتى الفجر، هذا اليوم الآلاف يجتمعون في مكان واحد".

"في رمضان 2020 -تقول جمانة- خلا الأقصى من مصليه بسبب جائحة كورونا، نحن الحارسات والحراس كنا نداوم بالشكل الاعتيادي، شعور مؤلم حينما كان يؤذن المؤذن ونسمع: "حي على الصلاة"، كانت تبكي عيوننا وقلوبنا، لأنه أول مرة في التاريخ لا تقام الصلاة به".

وهكذا تحرس هؤلاء السيدات المقدسيات المسجد الأقصى حبًّا، و"تطير" قلوبهن فرحًا بالسهر على أمنه.