فلسطين أون لاين

محمد.. "مُبعد" يحتفي بالعيد بعقد قرانه قرب الأقصى

...
القدس المحتلة-غزة/ مريم الشوبكي:

هل يمكنك أن تتخيل شعور فلسطيني مقدسي الجذور، يقف على أبواب الأقصى ولا يستطيع الدخول إلى رحابه؟

هذا هو حال المقدسي محمد زغير الذي يصر على أن يؤدي صلواته على بعد خطوة، يحاول أن يعيش روحانيات العبادات فيه بالوجود بالقرب منه في رمضان، وصلاة عيد الفطر المبارك، وهو الذي عقد قرانه على خطيبته قرب المسجد.

تتملك محمد غصة لا يشعر بها إلا من عاش إحساس الإبعاد عن الأقصى، تزيده غلًّا على عدو غريب يحرم البيت من أهله، ويحمي المغتصبين للتجول داخله، لاستثارة مشاعر المسلمين واستفزاز المرابطين داخله.

محمد ابن حي وادي الجوز الذي يبعد عن الأقصى أقل من عشر دقائق مشيًا على الأقدام، يمضي جل وقته داخل باحته لا ينقطع عن الصلاة فيه، عمل متطوعًا في خدمة المصلين فيه.

سيحرم محمد (33 عامًا) هذا العام أيضًا من أداء صلاة عيد الفطر، كما حرم من صلاة التراويح في شهر رمضان، لكن سيؤديها مع المبعدين غيره على أبواب الأقصى، فهو لن يسمح للاحتلال أن يحقق غايته في إحباطه من العودة مجددًا إليه.

يقول محمد لصحيفة "فلسطين": "أبعدت عن الأقصى بتهم باطلة، منها إثارة ما يسميه الاحتلال الشغب، ولكن السبب الرئيس هو منعي من الوجود عند اقتحام المستوطنين وانتهاك حرمته".

وكلما تقترب "أعياد اليهود" يبعده الاحتلال مع مجموعة من الشباب عن الأقصى، ومنذ عام 2020 لم يتسنَّ له دخول الأقصى إلا أيام معدودة، وهذا العام لم يتمكن من دخول الأقصى البتة، إذ انتهت ستة أشهر مدة الإبعاد، وفي ذات اليوم جدد الاحتلال الإبعاد لستة أشهر قادمة.

وينبه محمد إلى أن الاحتلال يستهدف إفراغ الأقصى من المرابطين والمتطوعين والحراس أيضا وهذا الأمر الأخطر الذي يتبعه في السنوات الأخيرة، ويكثف اقتحامات المستوطنين حتى يستدرجوا المسلمين للتعود على هذا المشهد مع مرور الوقت وبالتالي التسليم له.

ويلفت محمد إلى أن الخطر من ذلك أيضا هو السماح للمستوطنين والمتطرفين باقتحام الأقصى من المنطقة الشرقية حيث باب الرحمة حيث يقيمون احتفالاتهم وطوسهم "التلمودية"، وفي هذه الساعات يمنعون تواجد أي مقدسي في هذا المكان سواء للجلوس أو المرور، أو قراءة القرآن والصلاة.

انتقل محمد مع عائلته للعيش في كفر عقب، ولكن بقي جده وأعمامه في وادي الجوز مسقط رأسهم، رغم بعد المسافة إلا أن محمدًا يصر على التواجد اليومي قرب الأقصى بعد أن ينهي عمله لأداء صلاتي المغرب والعشاء على الأقل.

وفي شهر رمضان تفرغ محمد للاعتكاف على أبواب الأقصى، حيث يبيت أيامه في بيت صديقه في وادي الجوز حتى لا تفوته الخمس صلوات وأجر الاعتكاف أيضا.

لمة الأصدقاء وتهنئتهم بالعيد لا سيما الفلسطينيين من خارج مدينة القدس في باحات الأقصى هو الطقس الذي تعود فعله محمد منذ طفولته وهو اليوم الوحيد الذي يجتمعون فيه على مدار أيام العام ويؤدي صلاة العيد برفقتهم، وهو الأمر الذي يفتقده الآن بسبب إبعاده.

وفي شهر رمضان أصر محمد على كتب كتابه على خطيبته المبعدة أيضًا على أبواب الأقصى في طريق المجاهدين، مجددين إصرارهم على التواجد في الأقصى رغم كل العقبات والموانع.