تترقب دولة الكيان كأطراف عدة غيرها نهاية عقد الرئيس عباس بكثير من الحذر والقلق، مع حسابات دقيقة للمواقف والأشخاص، حيث يتباين الرأي نسبياً في رؤية الكيان الصهيوني للسلطة الفلسطينية بين تيار رئيس يقوده نتنياهو والذي يرى في سلطة عباس مصلحة استراتيجية غالبة، خاصة في ظل تحول السلطة إلى رؤية الليكود القائمة على سلطة وظيفية للتنسيق الأمني، وتيار آخر يرى السلطة عبئا على المشروع الصهيوني.
ومن هنا فإن خيار المحافظة على الوضع القائم مع تجنب مهدداته أطول فترة يعد خياراً مقبولاً في الفكر الليكودي، مع انتظار لخليفة مقبول يحافظ على مشروع فلسطيني فارغ المضمون وعاجز عن التغيير ويمثل مصلحة إسرائيلية، وكذا مصلحة لقطاعات من جمهور فلسطيني على أساس من المنافع والرواتب وتتجنب بذلك (إسرائيل) الغضب الدولي والمتمثل بإبطالها لمشروع حل الدولتين.
أما خيار إعادة هيكلة السلطة على أساس من استغلال حالة الصراع الداخلية والتوجهات المناطقية والقبلية، فهذا خيار يمكن أن يمثل سيناريو مقبولا (إسرائيلياً) مع ضمان القدرة على السيطرة وتفريغ السلطة من جوهرها السياسي لصالح المشروع الخدماتي، ولكن إعادة الهيكلة تحتاج إلى شخصية فلسطينية مركزية قوية ومحل شبه إجماع، وهذا غير متحقق إلا إذا ضمنت (إسرائيل) أكثر شخصية تتكامل أدوارها لتوفير إمكانية تطبيق هذا السيناريو.
الفوضى خيار غير مأمون العواقب وتكلفته مرتفعة على الأمن الصهيوني، ويخدم رؤية المقاومة الفلسطينية، لذا فإن (إسرائيل) حذرة جداً من مجرد التفكير في هذا الخيار، خاصة في ظل معطيات انتفاضة القدس الذي ترى فيها وميض نار تحت الرماد.
ويدندن بعض قادة الليكود على خيارهم القديم المتجدد في "روابط القرى" الذي انهار مع انطلاق انتفاضة الحجارة، وخطورة هذا الخيار أنه يبرز بشكل فج وصارخ القيادة الفلسطينية أنها متواطئة مع الاحتلال، وهذا ما يشكل رفضاً قطعياً لها قبل الشروع بالتفكير في هذا الخيار، مما يجعله سيناريو حلمٍ صعبِ المنال.
خيارات الكيان في مستقبل السلطة ليست أمراً خاصاً به، ولكن هناك اعتبارات إقليمية ودولية وكثر هم اللاعبون، لذا فإن الحفاظ على الوضع الراهن مع تقليم السلوك السياسي المشاغب السيناريو المرجح صهيونياً، خاصة في ظل خيارات يفتقد فيها (الكيان) قدرته على ضبط إيقاعها أو يفتقد القدرة على تطبيقها، أو لا تحقق الخدمة الأمنية والسياسية المرجوة للكيان الصهيوني.
" وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ" (يوسف: 21).