حذر رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، الشيخ عكرمة صبري، من أن زحف المستوطنين إلى المسجد الأقصى في ذكرى احتلال كامل القدس ينذر بأساليب تهويدية لبسط "السيطرة الإسرائيلية" على المدينة "بتأييد دولي وعربي"، فيما أكد نائب رئيس الحركة الإسلامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48، الشيخ كمال الخطيب أن العرب أداروا ظهورهم للقدس بعد زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة. ويأتي تحذير صبري، بعد يوم على مسيرات نفذها آلاف المستوطنين في القدس في الذكرى الـ50 لاحتلال المدينة المقدسة بالكامل، واقتحام المئات منهم المسجد الأقصى.
وقال مفتي القدس السابق لصحيفة "فلسطين": إن سلطات الاحتلال نظمت المسيرات الاستفزازية في القدس لتثبت وجودها، وسيطرتها على القدس.
لكنه أوضح أن الاحتلال يمارس التمييز العنصري في المدينة بحق العرب والمسلمين، مؤكدا أنها "ستبقى في طابع احتلالي ما دام الاحتلال قائما، وهذه المسيرات لم تهدف إلا لإظهار التحدي والاستفزاز للعرب والمسلمين جميعًا".
وكان حوالي ألف مستوطن اقتحموا أول من أمس، "الأقصى" على شكل مجموعات، ووقع صدام بين حراس المسجد المسلمين وبين شرطة الاحتلال التي تحمي المستوطنين المعتدين لأداء صلوات تلمودية.
واقع جديد
ولفت صبري إلى أن المستوطنين وبدعم سياسي من حكومة الاحتلال يحاولون فرض واقع جديد في الأقصى "حتى نستسلم للإجراءات العدوانية".
وشدد على أن الأقصى هو للمسلمين وحدهم "ولن نقبل ولن نعترف بالغطرسة الإسرائيلية التي لن تكسب اليهود أي حق في الأقصى ولا في مدينة القدس".
وعما إذا كانت سلطات الاحتلال قد تصعد جرائمها في القدس بعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي قال مراقبون إنه منح الاحتلال خلالها "الضوء الأخضر"، لم يستبعد صبري ذلك "وما من شك أن زيارة ترامب أعطت الضوء لـ(إسرائيل) لشرعنة إجراءات تهويد القدس، لأن السياسة الأمريكية الجديدة تقر الاستيطان، وفكرة يهودية الدولة".
ونوه إلى أن "الاحتلال يرى أنه مدعوم من أمريكا بشكل مباشر، وأن الدول العربية هي تهادن (إسرائيل)، بشكل مباشر وغير مباشر".
ويرى صبري أن حديث ترامب عن تسوية للقضية الفلسطينية، تشي بأن الإدارة الأمريكية تريد جعل (إسرائيل) جزءا من تحالفات الشرق الأوسط باعتبار إيران "هي العدو المباشر، ونسي العرب فلسطين وطرحوا جانبا موضوع القدس".
وشدد رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، على أن "الأنظمة العربية هي أنظمة غير مستقلة في قراراتها، ووضعها شبيه بوضع فترة الحروب الصليبية التي سبقت تحرير مدينة القدس على يد صلاح الدين الأيوبي فالوضع متشابه".
وأردف: "حاليا القدس لها فقط أهلها بعد الله"، مبينا أنه "لا يوجد من يؤيد هذه المدينة أو يكترث لها، ونحن طالبنا مرار وتكرارا بأن تكون البوصلة موجهة للقدس، لكن الدول العربية تخضع للسياسة الأمريكية بشكل مباشر".
"إدارة الظَّهر للقدس"
من جانبه، أكد رئيس لجنة الحريات في الداخل المحتلة الشيخ كمال الخطيب، أن أعداد من اقتحموا الأقصى ناهزوا 1000 مستوطن، مشيراً إلى أن عملية تدنيس باحات المسجد تمت على وقع نشيد ما يسمى "الاستقلال الصهيوني"، والأقصى خاوٍ وفارغ (من أي دعم عربي وإسلامي)، والسماح بأن تجوب مسيرات الأعلام الاستفزازية أزقة شرقي القدس وإجبار الأهل على إغلاق محلاتهم التجارية، فإن كل عاقل يدرك أن هذا حدث غير مسبوق وله ما بعده".
وأضاف الخطيب، لصحيفة "فلسطين": "هذا هو الاحتلال الجديد للمسجد الأقصى، يأتي فقط بعد يوم واحد من زيارة ترامب لحائط البراق بعد لقاءه بنحو 50 زعيما عربيا ومسلما".
ولفت إلى أن هؤلاء القادة العرب والمسلمين الذين التقوا ترامب وصفقوا له، كانوا يعلمون تفاصيل زيارته فلسطين المحتلة المعلنة للجميع "وذلك يعني أنهم أداروا الظهر بشكل واضح للقدس والمسجد الأقصى ولعموم القضية الفلسطينية".
وأشار الخطيب، إلى أن تدنيس الأقصى، جاء بعد يوم واحد من استقبال رئيس السلطة محمود عباس للرئيس الأمريكي في بيت لحم، واستمرار تأكيده على استعداده للعودة للمفاوضات، مع أن نتنياهو سبق وقال: إن "القدس ستبقى عاصمة (إسرائيل) الأبدية والموحدة وأن الأقصى لن يكون يوما إلا تحت السيطرة الإسرائيلية".
تهويد بالزحف البشري
وأوضح أن المسؤولين-رفض تسميتهم- الذين كانوا يطالبون المرابطين والمرابطات بعدم رفع أصوات التكبير داخل باحات الأقصى كان يتهامسون أول من أمس، بألم عما يجري داخل المسجد، بفعل عمليات التهويد بالزحف البشري إلى القدس.
وتابع: "أنا أعلم أن هؤلاء كانوا وراء التحريض على الحركة الإسلامية من أجل حظرها، وهي نفسها كانت سببا مباشرا في جعل الرباط تنظيما محظورا، وسبباً في وجود العشرات من أبناء الحركة في سجون الاحتلال بتهمة الرباط".
وذهب إلى القول: "هؤلاء الذين يبكون اليوم على حال الأقصى كانوا سببا رئيسا في أن المسجد اليوم خال ومستباح، ولما كنا نقول بصوت عال: الأقصى في خطر، كانوا يقولون: إن الأقصى بخير فقط من أجل إثبات عكس ما تقوله الحركة الإسلامية قبل حظرها".
وأكد الخطيب أن "المؤسسة الإسرائيلية ذاهبة باتجاه التصعيد لكن حتما ويقينا الأقصى لا يمكن أبدًا إلا أن يجد هذا الشعب الفلسطيني الذي يفديه ويحميه، ولن ينفع المؤسسة الإسرائيلية لا هذا الصمت العربي المريب والمتواطئ، ولا هذا الدعم الأمريكي غير المسبوق".
وهاجم الخطيب السلطة الفلسطينية في رام الله، قائلًا إن دورها "يصب في صالح المشروع الصهيوني"، داعيا إياها إلى الاعتذار للشعب الفلسطيني بعد "24 سنة من الوهم والسراب والكذب الذي اسمه اتفاق أوسلو"، وأن تقول للشعب: "جربنا ولم ننجح ونعيد الأمر إليكم".
وكان ترامب تعهد خلال مؤتمر صحفي لدى وصوله القدس المحتلة، الثلاثاء الماضي، بحماية (إسرائيل)، زاعمًا أن هناك "ارتباطا تاريخيا" بين الإسرائيليين والقدس.