دعا اختصاصيون اقتصاديون، السلطة الفلسطينية، إلى رفع كامل عقوباتها الاقتصادية عن قطاع غزة، بما يشمل صرف كامل الرواتب لموظفيها في القطاع العام، وإعادة الصرف للرواتب المقطوعة، وإعطاء قطاع غزة كامل نصيبه من النفقات التشغيلية والموازنة السنوية، مؤكدين أن مواطني القطاع المحاصرين كانوا يعولون على أن يحسن إجراء الانتخابات من أوضاعهم المعيشية.
وأعلن رئيس السلطة محمود عباس الخميس المنصرم تأجيل موعد الانتخابات التشريعية التي كانت مقررة يوم 22 مايو/ أيار المقبل، إلى حين ضمان مشاركة أهل القدس "ترشيحا وتصويتا ودعاية انتخابية"، وهو ما سينسحب على بقية المواعيد الانتخابية، سواء الرئاسية التي كانت مقررة نهاية
يوليو/ تموز، وانتخابات مجلس وطني لمنظمة التحرير في أغسطس/ آب المقبل.
وقال الاختصاصي الاقتصادي د. نصر عبد الكريم: "إن المواطنين في قطاع غزة كانوا يعقدون آمالًا كبيرة على أن يُخفف عقد الانتخابات وما يعقبها من تشكيل حكومة وطنية جديدة، من معاناتهم ويرفع عنهم الحصار، وأن تعود النفقات الحكومية لسابق عهدها وأن يتلقوا مزيدًا من الدعم الدولي، وأن تقام لديهم مشاريع استراتيجية تحد من معدلات الفقر والبطالة" مشيرًا إلى أن تأجيل الانتخابات أو إلغاءها، يعني إبقاء سيف المعاناة مسلطًا على رقاب الغزيين.
وحذر عبد الكريم في حديثه لصحيفة "فلسطين" من بقاء منظومة الحكم وقواعدها في السلطة الفلسطينية دون تغير جذري أو إصلاح هيكيلي عقب تأجيل الانتخابات، داعيًا إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية لحل الملفات العالقة منذ سنوات عديدة.
وقال عبد الكريم: "إن أبقت السلطة الفلسطينية الحكم بمنظومته وقواعده دون تغير جذري أو إصلاح هيكلي، وبقيت المناكفات مستمرة، فإن معاناة المواطنين في قطاع غزة ستزيد، كما أن عدم ثقة الناس بالسلطة ستتوسع، وسييئَس المجتمع الدولي من السلطة لعدم التماسه الجدية في مواقف السلطة".
وأضاف عبد الكريم: "لو كانت قيادة السلطة لديها نيّات طيبة تجاه المواطنين في قطاع غزة ، فما الذي يمنعها من تحقيق الأهداف التي يتطلع لتحقيقها أهل غزة من رفع العقوبات الاقتصادية، وعودة الإنفاق الحكومي والتوظيف، والاستمرار في صرف كامل الرواتب وعودة الرواتب المقطوعة حتى دون أن تُعقد انتخابات؟".
ونبه الاختصاصي عبد الكريم من انقسام الموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية، إذا ما عادت المناكفات السياسية بين الضفة الغربية وقطاع غزة، مشيرًا إلى أن الجميع ينتظر ما ستؤول إليه الأوضاع في الأيام القليلة المقبلة.
من جهته أكد الاختصاصي الاقتصادي د. نور أبو الرب، رفضه المطلق أن توظف احتياجات السكان في قطاع غزة في الدعاية الانتخابية، مشددًا على أن ذلك له تبعات سلبية على الأوضاع المعيشية لحياة الناس.
وقال أبو الرب لصحيفة "فلسطين:" ينبغي للسلطة الفلسطينية أن تواصل صرف رواتب الموظفين في القطاع العام وأن تعالج بقية الملفات العالقة حتى لو تأجلت الانتخابات، لأن قضايا الناس العالقة لا يمكن بأي حال من الأحوال ربطها بالأجندات السياسية".
وعبر عن خشيته من عودة تأزم الوضع في قطاع غزة إذا ما أصرت السلطة على الاستمرار في فرض عقوباتها على القطاع، مشيرًا إلى أن ذلك سيكون له تبعات جدًا سيئة على حياة الناس، داعيًا إلى ترجيح لغة المنطق والوطنية في ذلك.
وحث الدول العربية والمناصرة للفلسطينيين على التدخل بما يخدم المجموع الفلسطيني وليس جانب على حساب الآخر.
ويخشى مراقبون من حدوث فراغ في شرعية السلطة قد يؤدي إلى تغوّل في ممارساتها السياسية والأمنية وخاصة إذا حاولت تصفية الحساب مع من انشق من صفوفها وترشح في معارضتها.