فلسطين أون لاين

نظام أبو رموز.. مقدسي يحن إلى أجواء رمضان في الأقصى

...
القدس المحتلة-غزة/ هدى الدلو:

من بعد أذان العصر يتجهز هو وأبناؤه الأربعة للخروج نحو المكان المعلقة به روحه، وكل واحد منهم يحمل بيده ما أُعدَّ لتناول طعام الإفطار في أقرب نقطة يسمح له وعائلته بالمكوث بها، ليتنفسوا من هوائها، ويستنيروا بزينتها الرمضانية، مع حرمانه معايشة أجوائها بسبب قرارات الإبعاد المتتالية.

المقدسي نظام أبو رموز (38 عامًا) من سكان حي بطن الهوى الواقع داخل قرية سلوان الواقعة جنوبي المسجد الأقصى، خارج أسوار البلدة القديمة في مدينة القدس.

مع إبعاده عن المسجد الأقصى في شهر رمضان لا يترك يومًا دون الذهاب إليه، رغم تكبده العناء والتعب للوصول إلى أقرب نقطة يسمح له الاحتلال بالوصول إليها، فيسير بطرق التوائية وتقطعه حواجز جنود الاحتلال، ويسلك أحيانًا "طريق المجاهدين".

على عتبات قريبة يستطيع أبو رموز أن يرى زينة رمضان المعلقة بالأقصى، ويسمع مكبرات سماعاته، ويجلس على سجادة صلاته ليقرأ القرآن، ويدعو ربه من قلبه أن يمن عليه بدخول الأقصى مهللًا ومكبرًا، ويصطف بجانب المصلين لأداء صلاة التراويح.

شهر رمضان هذا العام سيكون الرابع على التوالي في إبعاده عن المسجد الأقصى لتتضاعف معاناته، وعن ذلك يقول لصحيفة "فلسطين": "كنت أتمنى أن أقضي رمضان هذا العام بين جنبات الأقصى وأعيش أجواءه بحذافيرها، فأقرأ القرآن في باحاته، وأجلس على مصاطب العلم وأصلي التراويح التي لها طابع خاص، لا سيما أن الاحتلال استغل في رمضان الماضي أزمة كورونا ليحرمنا دخوله".

"لا أستطيع أن أصف لك الأجواء الرمضانية هناك، فلا مثيل لها، ولا طعم يضاهيها" يضيف أبو رموز.

يومًا ما الفرحة لم تسع قلبه عند دخوله الأقصى فسجد أرضًا ليروي عطشه منه ويكحل عينيه برؤيته، وكان ذلك بعد ساعة من انتهاء إبعاد مدته ستة أشهر، ليتربص به الاحتلال مجددًا على بوابات الأقصى، ويسلم له إشعار إبعاد آخر بالمدة ذاتها فيحرمه رمضان وأجواءه، يعقب: "لا يريدون أحدًا من رواد الأقصى، ولكن أهلنا ربونا على حبه والعيش بين جنباته، لذلك لن تكسرنا قرارات الإبعاد".

يقف على أبواب الأقصى وعيناه مصوبتان نحو مشاهد المقدسيين بداخله، ليغبط كل من يستطيع الدخول، ويتمنى لو أنه معهم، يتحدث أبو رموز: "رغم الألم الداخلي الذي يوجع قلبي أفرح عندما أرى الأقصى عامرًا بأهله وناسه".

ويوضح أن شهر رمضان في الأقصى عالم آخر، فالأجواء الروحانية، والزينة الرمضانية، جميعها تجعل المرتاد له يجدد إيمانه.

وفي بعض الأيام الرمضانية يجتمع مع المبعدين أمثاله ليتناولوا طعام الإفطار معًا ليواسوا أنفسهم، يعلق أبو رموز: "ومع ذلك لن نتنازل عن حقنا في الدخول إليه، وندافع عنه بأرواحنا، فها نحن على أبوابه".

ويشير إلى أن الاحتلال يستهدف بقراراته العسكرية المقدسيين المرابطين دائمًا في الأقصى، ومصاطب العلم، لافتًا إلى أن ذرائع الإبعاد واهية.

ويختم أبو رموز حديثه بدعوة كأنها خرجت من قلبه: "الله يطعم كل الناس قضاء رمضان في الأقصى وجنباته".