فلسطين أون لاين

قد تتحوَّل إلى انتفاضة

تقرير "هبَّة القدس".. غضب مقدسي تَفجَّر في وجه الاحتلال رفضًا لسياساته العنصرية

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة-غزة/ نور الدين صالح:

كـ"فوهة بركان" انفجر غضب المقدسيين الكامن في صدورهم في وجه الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه المتطرفين، إذ بدأ بمواجهات عند مدخل باب العمود، وامتد كـ"النار في الهشيم" إلى مختلف بلدات مدينة القدس المحتلة، ليُشكّل هبّة قوية دوى صداها في كل الأراضي الفلسطينية المحتلة.

لم تكن هذه الهبّة وليدة اللحظة، بل جاءت بعد سلسلة من الممارسات الإجرامية التي نفذها جيش الاحتلال ومستوطنوه بحق المقدسيين على مدار الأيام والأشهر الماضية، وزادت منذ الأيام الأولى لشهر رمضان المبارك.

واللافت في هذه الهبّة هو دخول ما تُعرف بمنظمة "لاهافا" المتطرفة، التي يكثر حضورها بقوة في القدس والمستوطنات الإسرائيلية، وهي امتداد لما يُعرف بحركة "كاهانا" المعروفة بعنصريتها وعدائها للعرب.

الخبير في شؤون القدس ورئيس مركز القدس الدولي د. حسن خاطر، استعرض الأسباب التي دفعت لانطلاق هبّة القدس الحالية، أهمها الجرائم الإسرائيلية المتراكمة بحق المقدسيين والمقدسيات، خاصة في شهر رمضان.

ومن بين الممارسات الإسرائيلية وفق ما ذكر خاطر خلال حديثه مع صحيفة "فلسطين"، عمليات إطلاق النار ومطاردة المصلين بعد خروجهم من الصلاة ومنعهم من الاعتكاف، عدا عن حصار المدينة المقدسة.

وأوضح أن السياسات الصهيونية الأخرى وفرض القيود المتواصل وترحيل وتهجير المواطنين واستيلاء المستوطنين على سلوان والمخططات المطروحة لتغيير الطابع الحضاري للقدس فاقمت غضب المقدسيين.

وبيّن أن مماطلة الاحتلال في موضوع الانتخابات كشفت الكثير من عناصر الاستفزاز لدى المقدسيين، مشيراً إلى أن الاحتلال يحاول فرض سيطرته بأنه يتحكم ويقرر مصير المقدسيين.

ونبّه إلى أن العامل الأخير أيضاً هو ضعف أداء السلطة في القدس وعدم قدرتها على حسم أي من السياسات الصهيونية والجرائم المستمرة من الاحتلال، وفقدان الأمل من المقدسيين بإمكان تصديها للسياسات الإسرائيلية على كل المستويات، الأمر الذي دفع المقدسيين إلى أن يأخذوا زمام المبادرة وصناعة الحدث.

ورأى خاطر أن هذه الهبّة أوصلت رسالة لعدة أطراف أهمها الاحتلال والمستوطنون والمتطرفون والسلطة والمجتمع الدولي بأن القدس ليست هامشية، ويُمكن التلاعب بها أو القفز عنها وفق مزاج الاحتلال.

وبحسب قوله فإن الرسالة وصلت للاحتلال بأن القمع لا يُمكن أن يصنع الأمن الذي تحلم به (إسرائيل)، "وإذا تحققت النتائج فإن الاحتلال سيحسب ألف حساب للشارع المقدسي قبل أن يتخذ أي خطوة.

كما عد أن الرسالة وصلت للسلطة أن سياسة الاستسلام على مدار السنوات الماضية، وأنه "إذا استمر سقف المواقف الرسمية الفلسطينية بالتدني، فإن المقدسيين لديهم القدرة على رفع السقف وإعادة الاعتبار للقدس بوضوح".

وهذا ما ذهب إليه الناشط المقدسي عبد العفو زغيّر، أن أبرز الأسباب التي فجّرت غضب المقدسيين توتر الأجواء منذ بداية شهر رمضان، خاصة قرب منطقة باب العمود، وهو المدخل الرئيس للبلدة القديمة.

وأوضح زغير خلال حديثه مع "فلسطين"، أن وجود قوات الاحتلال في منطقة المدرج أمام باب العمود ونشر الحواجز الحديدية لمنع وصولهم للمنطقة بذريعة "أسباب أمنية".

وأشار إلى أن اليومين الماضيين كانا الأشد عنفاً وشهدا مواجهات عدة بين الشبان وقوات الاحتلال والاعتقالات والإصابات، الأمر الذي زاد حالة الاحتقان لدى المقدسيين.

وبحسب قوله فإن هذه الهبّة أوصلت رسالة قوية للاحتلال بأن كل محاولاته لفرض سياسته على القدس "لن تنجح" وأن المقدسيين هم أصحاب الكلمة.

التحول إلى انتفاضة

وبشأن تحول هبّة القدس إلى انتفاضة، يُجيب الخبير المقدسي خاطر: "يُمكن أن تتطور وتنتشر خارج القدس وكل مدن الضفة، وخاصة في رام الله، لأن حالة الاحتقان كبيرة في الشارع الفلسطيني وتراكمات من أطراف عدّة".

وقال: "إذا لم تجد الهبَّة متنفسها من خلال إزالة الجرائم والسياسات الإسرائيلية الأخيرة في القدس، فستتحول إلى انتفاضة يصعب توقفها".

كما توقع ذلك الناشط زغير أن تتجه الهبّة نحو انتفاضة عارمة في الأراضي الفلسطينية، مستدركاً: "لكن هذا الأمر يعتمد على ردة فعل الاحتلال واستجابته لمطالب الشبان وقضاء أجواء رمضان بهدوء".