فلسطين أون لاين

والملوخية الغزية" حلت ضيفة رمضان

بـ"الحجاب والأخلاق".. أسماء تنقل صورة الإسلام إلى بلجيكا

...
المركز الإسلامي في بروكسل
بروكسل-غزة/ ريما عبد القادر:

قبل أن تخرج الفلسطينية أسماء محسن من بيتها في بلجيكا تخاطب نفسها أمام المرآة وهي ترتدي حجابها قائلة: "يا أسماء، أنت مسلمة فكل من يراك سيعلم ذلك؛ فلا بد أن تعكسي صورة الإسلام الجميل بأخلاقه الطيبة"، الأمر الذي يجعلها تحترم كبار السن، وتعطف على الصغار، وتبتسم بوجه الأمهات، وتعد الحلو وتوزعه على من حولها في المناسبات الدينية، وتحرص على زينة رمضان وطقوسه التعبدية؛ لترسم الصورة المتألقة لملامح اللوحة الفلسطينية المسلمة في أذهان الغرب.

ملوخية غزة

ورغم اختلاف البيئة وطبيعة الحياة في بلجيكا نقلت أسماء حياة أهلها في غزة إلى حيث تسكن من ناحية الدين والعادات والتقاليد الجميلة، ما دفعها في أول يوم من شهر رمضان إلى أن تحرص على طهو الملوخية الشهية؛ فقد تعلمت طريقة تحضيرها من والدتها منذ طفولتها إلى أن تزوجت وأصبح لديها عائلة.

وتقول أسماء لصحيفة "فلسطين"، بعد أن أنهت تحضير مائدة الإفطار التي تتكون من طبق الملوخية والشوربة والسلطة، والتمر وعصير التمر الهندي: "رغم اختلاف الحياة في بلجيكا أحاول المحافظة على أخلاق الإسلام العظيم، والعادات والتقاليد الجميلة التي تعلمتها في بلدي".

وكانت الزينة حاضرة في بيتها إذ زينته بفانوس رمضان والهلال، فهي تحب ذلك كثيرًا، لكون هذه الزينة مرتبطة بالشهر الفضيل حتى تزرع في طفليها حب رمضان، خاصة أنه في بلجيكا في مناسباتهم يهتمون جدًّا بالزينة، الأمر الذي يجلب أنظار طفليها، ذلك جعلها تهتم بالزينة الرمضانية الجميلة لترسخها في أذهان طفليها.

وتبين أنه مجرد أن رأت طفلتها الزينة فرحت بها وأخذت تردد: "هذه زينة رمضان"، وحينما زينت بها المنزل زادت سعادة طفلتها بذلك.

وكما هو لدينا في قطاع غزة حلوى القطائف جزء أصيل من طقوس رمضان أيضًا الأمر في بلجيكا، إذ توضح أنها تعلمت صناعة القطائف، ما مكنها من أن تعدها بنفسها، وتحشوها بالتمر، والمكسرات، وأيضًا تخبر طفليها بأن هذه الحلوى تتعلق برمضان.

وكذلك حال السحور فمائدة غزة أيضًا حاضرة إذ تقول: "حتى السحور مكوناته مثل سحور غزة فأضع الدبس والجبن وغيرهما من الأطعمة التي كنت أتناولها في بلدي، ومع أنه لا يوجد وقت كبير بين المغرب وصلاة الفجر أحرص على هذه العبادة اقتداء بسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)".

وبمجرد أن يرى الناس أسماء في حجابها يدركون أنها مسلمة إذ تقول: "هذا يضع علي مسؤولية بأن أنتبه لكل ما يصدر مني من كلام أو تصرفات، لأنني أقدم صورة عن الإسلام وأخلاقه، فإنني أحرص على المعاملة الطيبة مع الآخرين، وعندما أجد كبار السن أحترمهم وأقدمهم علي في ركوب المصعد، وأبتسم لهم".

وتوضح أنها حينما كانت تتعلم في المدرسة اللغة الهولندية كانت في المناسبات الدينية تجتهد في إعداد الحلوى وتقديمها لزميلاتها؛ وتحاول أن تنقل لهم جمال الإسلام، فكثير ما كان بعضٌ يسألها عن الحجاب وعن الإسلام، وتعمل قدر المستطاع على توضيح الأمور لهم ببساطة تتناسب مع عقولهم.

وتذكر أن كثيرًا منهم يحترمون الإسلام، ففي رمضان إذا حضروا مائدة إفطار مع المسلمين فإنهم لا يأكلون حتى يسمعوا أذان المغرب، ويبدأ المسلمون في تناول الإفطار.

وهنالك من يتابع الإسلام ويسأل عنه ويهتم بمناسباته، إذ تشير أسماء إلى أن امرأة بلجيكية تدعو في رمضان المسلمين إلى الإفطار، فتتشارك المسلمات في المساعدة في طهو الطعام، الأمر الذي شجعها على أن تعد طعام الأوزي (يتكون من الأرز والخضار والدجاج أو اللحم)، الذي يشتهر قطاع غزة بإعداده، وأعجبهم كثيرًا.

وحينما يقدم لها حلويات أو طعام لا بد أن تنظر إلى المكونات حتى تتحقق أنها حلال، إذ توضح أن إحدى البلجيكيات قدمت لها حلوى، فأخذت تطلع على المكونات، ومباشرة وجدت صوت المرأة يقول لها: "حلال حلال، بعرف إنه في الإسلام في أشياء محرمة ما بينفع تأكلوا منها".

صلاة التراويح

وكما حرصت على أداء صلاة التراويح في غزة أيضًا حرصت على المحافظة عليها في بلجيكا، لكن الأمر مختلف نظرًا إلى بعد المسجد عنها، وأنه في السنوات الماضية كان أذان المغرب عند الساعة (10:30)، فكانت إن لم تتمكن من الصلاة في المسجد فإنها تحافظ عليها في البيت، خاصة بعد كورونا إذ اختلف الأمر من ناحية الخروج ودعوة العائلات الصديقة إلى الإفطار؛ فقد قل ذلك كثيرًا جراء الجائحة.

وتوضح أنها تعلم طفليها الإسلام وتهتم بتعليمهما اللغة العربية، وبالقصص توضح لهما معنى الصيام.

أيضًا تشغل تسجيلات سور من القرآن في البيت، الأمر الذي جعل طفلها الصغير لا ينام إلا بعد سماع القرآن.

ومن الجميل أنه يوجد في بروكسل العاصمة محلات يعمل بها أتراك وسوريون، وبذلك تتوافر الحلويات التركية والسورية مثل الكلاج والكنافة وغيرهما، إذ تقول: "حينما أحضر زوجي الكلاج السوري وتذوقته شعرت بأجواء غزة الجميلة، حينما كنت أتناول كلاج غزة اللذيذ بعد الإفطار في رمضان".

أسماء وغيرها من المسلمات هن عبارة عن رسالة الإسلام العظيم وأخلاقه الطيبة؛ فهن تُلقى على عاتقهن أمانة كبيرة، وإن لم يتكلمن بأي كلمة؛ فاللباس والأخلاق والمعاملة والابتسامة الطيبة وتقديم المساعدة هي أدوات تُعرف الآخرين عن الإسلام، ويزداد الأمر حينما تكون فلسطينية؛ فهي تمثل وطنها وأخلاق شعبها الأصيل في رمضان وكل أيام العام.