رغم أنف الأصوات البُغاث، والمواقف الانهزامية والخيانية البائسة من محور "العروبة الهاربة"، فإنها سوف تلتحق –قريبًا- بالعرب البائدة، من "طسم وجديس، وعاد وثمود" الذين طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد.
هذه "العرب الهاربة" التي تأتي في سياق التسلسل التاريخي الأنثروبولوجي ولم يُشَر إلى تعريف عرب اليوم في هذا السياق، بالإشارة إلى التقسيم الكلاسيكي (العرب البائدة، والعرب العاربة، والعرب المستعربة)، عسى ألا أكون مبالغاً إذا ما عرّفتُ عرب العصر الحاضر بـ (العرب الهاربة).
وأسمحُ لنفسي – والألم يعتصر فؤادي وكل كياني – أن أضيف إلى هذا التوصيف حُدائي لقوافل هاربيهم، ألا لعنة الله عليكم، لتدفنكم رمال صحارينا، بين مالي والربع الخالي، وأن يكون نشيدكم الوطني: "وأنا مالي يا بوي وأنا مالي"؟
أجل، لقد جعلوا من العروبة مسخرة ومن الشرف والعزة "بهدلة " اللّهم إن الرجال الرجال هم الاستثناء من هذا الفصيل، الذين قالوا: إنّا حماة الديار، ورافعو رايات الشموخ والفخار، ونؤثر الموت على حياة الذل والعار.
يحضرني – وأنا أحْدُو هذه القافلة الحرة الأبية – أن أرفع عقيرتي إلى السماء وأردد:
"لا تسقني ماء الحياة بذلةٍ .. بل فاسقني بالعز كأس الحنظل".
هنا أتوجه إلى محور المقاومة، بعيدا عن قرف "العرب الهاربة"، وأؤكد أن الهروب موت وخزي وعار. اللهم أجرنا.
إلى محور المقاومة، واليد على الزناد.. إلى روابي العزة والكرامة.. إلى الدماء والمُهج والأرواح الأبية.. إلى الدموع والآلام.. وإلى الثكالى والأرامل والشهداء.. إن هي إلا دروب الحياة والرضوان، تفوح منها أجمل العطور وأطيب الطيوب..
يُقال: إن أول الرقص "حنجلة".
أظن أن حنجلتنا قد طالت.
اليوم أظن، بل أؤكد، أنها دخلت طور السخونة.
هذا الصاروخ الذي انطلق لم تستطع جبخانة التدمير الصهيونية وضامنوها أن يتصدوا له، لا بقبة حديدية، ولا حيتس، ولا مقلاع داود، ولا غيره.
حَطّ هذا الصاروخ برسالته الحمراء اللاهبة على أطراف "ديمونة" حيث وكر الشر النووي الصهيوني في نقب فلسطين، التي ترحب بأمطار من صواريخ عروبية تطهرها من رجس طال أكثر من سبعين عاماً، عسى أن يجرف معه الضالين من زواريب الدهماء من أعراب وعربان الزمن الرديء الذين باعوا القدس ولوثوا المقدسات في دنيا العروبة والإسلام، وأحالوا ديار العز إلى جحور وظلام، ترتع فيها قطعان العملاء والدهماء، تزينوا بألوان العهر والعار، وانتسبوا لعدنان وقحطان، بعد أن ركبوا مراكب الخيانة ورافقوا الشيطان.
أخيرا وليس آخرا، ماذا أقول؟
الموقف على المحك.
لقد بلغ التحدي مداه.
المؤلم المبكي أن ثمة منابر إعلامية وإعلاميين "وجهاء إعلام" اعتلوا مزابلهم ليسخروا عبر صحف صفراء وقنوات من القاذورات يلفظون بسيول من القيح، ويسفهون محور المقاومة وشرف المقاومة؛ لتبرير خياناتهم وسفاهتهم، ومشاركة العدو ظلمه وعدوانه، وقد نسوا دينهم ودنياهم.
ألا إنهم العرب الهاربة..
العرب المتصهينة..
غوروا.. غوروا.. غوروا.