قائمة الموقع

طقوس "نورهان" في رمضان يغيبها الأسر

2021-04-20T10:33:00+03:00

لن تعلق نورهان رمضان هذا العام قائمة أكلات الإفطار التي تفضلها، حيطان البيت حزينة تشتاق إلى أحبال الزينة التي كانت تشتريها وتصنع بها أجواء الشهر الفضيل، بائع العصائر أيضًا سيفتقد صوتها وهي تطلب التمر هندي والخروب والليمون.

"يمّا ممنوع تكرري طبخة" تهز الأم رأسها معلنة موافقتها، تمر الأيام وتعد الأم المقلوبة وهي الأكلة الأحب إلى قلبها، تستشيط نورهان غضبًا وتتذمر من خرق والدتها الاتفاق، تضحك الأم: "ولكني لم أكررها؛ فمرة صنعتها بالدجاج واليوم باللحمة".

الأسيرة نورهان عواد (22 عامًا) من مخيم قلنديا شمال القدس المحتلة زجها الاحتلال في سجونه في 23 تشرين الآخر (نوفمبر) 2015، وهي مصابة بأربع رصاصات، وحكم عليها بالسجن 10 سنوات وهي قاصرة لم تتعدَّ 16 عامًا.

نورهان كانت برفقة ابنة عمها الشهيدة هديل عواد (14 عامًا) وتحمل حقيبتها المدرسية، وأطلقت قوات الاحتلال النار عليهما، فاستشهدت هديل، وأصيبت نورهان بالرصاص، وأسرها المحتل وحقق معها، وقبل أن تتعافى نقلها إلى سجن هشارون.

ومنذ سنتين ونصف يمنع الاحتلال أباها من زيارتها في السجن، فلا تراه إلا في الصور.

المقدسية سماهر والدة نورهان قبيل ثبوت هلال رمضان التقت ابنتها بعد شهر ونصف من توقف الزيارة و4 ساعات من الانتظار، كانت صوت ضحكاتها يهز المكان: "يمّا شو اشتقتلك".

خفضت نورهان صوتها بعد مطالبة زميلاتها في الأسر بذلك، لتقول لوالدتها: "يما احكي لي عن أخبار الدار، لما تعلقوا زينة رمضان وإنتو بتفطروا صوروا، وجيبي الصور معك الزيارة الجاية"، حتى زينة الحارة طلبت أن تلتقط لها صورًا.

تحن نورهان إلى مشاركة إخوتها ووالديها في تعليق الزينة، وتحضير سفرة الإفطار معهم، تذكِّر والدتها: "هل تتذكرين -يا أمي- قائمة الطعام التي كنت أحضرها قبل أسبوع من رمضان، أندم على عصبيتي تجاهك حينما كنت تكررين الطبخة، شعرت بقيمة كل شيء بعد السجن"، لا تعرف أن والدتها منذ ست سنوات لم تعد تعلق القائمة، لأن نورهان لم تعد بينهم.

تقول سماهر لصحيفة "فلسطين": "كانت نورهان تحب أن تشتري القطائف بنفسها والعوامة أيضًا، وتختار الحشوة التي تريدها، وكان لها ذوق في تحضير سفرة الإفطار".

تحب نورهان أن تعيش الأجواء اليومية لأسرتها، تضيف والدتها: "كل زيارة تطلب مني أن أتحدث بالإذاعة عن طبخة اليوم، والولائم التي نقيمها في رمضان، ولكني أرفض فعل ذلك لأني أخاف على شعورها".

حصلت نورهان على شهادة الثانوية العامة وهي في الأسر، وانتسبت إلى جامعة القدس المفتوحة لدراسة بكالوريوس علم الاجتماع.

ليلة عيد الفطر كانت تقضيها نورهان تنبش في أسواق القدس ورام الله، لتختار ملابس مميزة، لا تريد أي فتاة مثلها، تحب أن تكون متميزة في لبسها كما هو الحال في دراستها إذ كانت من المتفوقات في مدرستها.

نورهان شابة محبة للحياة، تمتلك شخصية قوية، اجتماعية بطبعها، متفائلة على الدوام حتى وهي في الأسر، دائمًا تطلب من والدتها أن تشتري لها الملابس بألوان زاهية فاقعة: "بدنا نشوف ألوان في السجن يمّا"، تريد أن تكسر عتمته وسوداويته بالألوان.

حتى إنها طلبت من والدتها وقت تحررها أن تقيم لها فرحًا لا استقبالًا عاديًّا، تحدث والدتها: "رأيت كيف استُقبِل أحد الأسرى، وكيف ارتدت زوجته وابنته الأثواب التقليدية المطرزة، أريد أن نلبس كل يوم ثوبًا جديدًا".

تعدها والدتها التي تحرص في كل مكان أن تعرف نفسها بـ"أم البطلة نورهان" بدلًا من كنيتها أم محمد: "سأقيم لك عرسًا لم يقِم أحد مثله من قبل".

 

 

اخبار ذات صلة