فلسطين أون لاين

رمضان فرصة

...
آلاء مهنا

لطالما كان الصبر وتهذيب النفس على التحمُّل ميزة مهمة من مميزات رمضان، فالاستفادة من هذا الشهر المبارك للتخلُّص من عادة سيئة خطوة رائعة، صوم رمضان لديه قدرة في تغيير روتين الحياة لدينا وذلك لصيامنا طوال النهار عن المأكل والمشرب، وأن الهدف السامي الذي وضعه الله عز وجل من الصيام هو البعد عن اللذات والشهوات للتقرب إلى الله من خلال الطاعات، وهذا الأمر يتطلب قوة وصبرًا شديدًا فإذا كنا قادرين على ذلك فسنستطيع الامتناع عن أشياء أخرى ولكن بخطوات تدريجية.

أولاً: عليك أن تعزم النية في ترك تلك العادة السيئة وأن تكون صادقًا للغاية في قرارك، وأن يكون قلبك مليئًا بالحماس لتبدأ حياة جديدة دون تلك العادة، فعليك أن تركز على أضرارها وتأثيرها السلبي على حياتك، فعلى سبيل المثال: إن كنت تعشق تناول الحلويات كثيرًا وتأكلها بكثرة فتعمق عن أضرار السكر -وهو المكون الرئيس لها- حتى تعطي نفسك الحافز لترك تلك العادة بقلب مرتاح ودون أي ندم.

واقرأ واسمع كثيرًا عن الأشخاص الذين تركوا تلك العادة لتعرف معاناتهم معها وكيف أصبحت حياتهم بعد أن أقلعوا عنها والتأثير الإيجابي الذي حصل لهم، ليعطيك ذلك تحفيزًا وحماسًا أنك ستفعل الصواب وحياتك ستكون أفضل من قبل بكثير.

بالتأكيد الإقلاع عن العادات السيئة لن يكون عنصرًا مفاجئًا بل بالتدريج، فإن كنت تحاول الإقلاع عن التدخين قلِّل عدد السجائر التي تدخنها، فعلى سبيل المثال: إن كنت تدخن علبة كاملة من السجائر فاجعلها نصف علبة في أول أسبوع بعد قرارك في مرحلة الإقلاع عن التدخين، وهكذا حتى تصل إلى تدخين سيجارة واحدة فقط في اليوم إلى أن تصل إلى مرحلة عدم التدخين إطلاقًا.

وللعقل جزء كبير ومهم جدًا في إقناع الجسد حتى تقلع عن أي شيء ترغب به، فابدأ بإعطاء عقلك جملًا وعبارات تحفيزية مثل: أنت قوي، ولا تخبر عقلك بأي عبارات قد تكون غير مؤكدة على قوتك، مثل: هل سأستطيع؟ واستبدلها بجملة مؤكدة: نعم، أستطيع.

وانظر إلى داخلك وأعطِ جسمك الثقة الكاملة حتى يتخطى المرحلة الأولى وهي الأصعب حين تترك أي عادة سيئة، لأنك لسنوات معتاد على نمط معين، والآن حياتك ستتغير وذلك النمط لم يعد موجودًا وقد تحتاج إلى وقت طويل حتى تعتاد على نمط جديد، وأيضًا يرجع ذلك إلى طبيعة الشخص، فبعض الأشخاص قد يحتاجون إلى وقت قصير للتخلُّص من عادة معينة واكتساب عادة جديدة فتفهم هذا الأمر حتى لا تُصاب بالإحباط.

ومن المهم جدًا وضع بديل عن تلك العادة وذلك كي لا تشعر بالفراغ والملل وبعدها تجد نفسك ترجع لعادتك السيئة بكل سهولة، فأفضل الأشياء التي يجب علينا فعلها أن نُبقي أنفسنا مشغولين بشيء ما، فاحرصوا على أن يكون وقتكم دائمًا مشغولًا ومليئًا بأي شيء مفيد، وركزوا على الأشياء التي تحبونها، ففي فترة إقلاعكم عن التدخين مارسوا رياضة كرة القدم؛ لأن بها طاقة كبيرة وتحتاج إلى جهد بدني كبير، فاختيار جيد لتملأ وقتك بها.

ولكن بما أننا في شهر رمضان الفضيل علينا أن نركز على عباداتنا وطاعاتنا لكسب مرضاة الله عز وجل وفي نفس الوقت نبقي أنفسنا مشغولين عن جميع العادات السيئة، فمصاحبة القرآن الكريم تهذِّب النفس وتُبعدها عن الشهوات وتقوي الإيمان.

وابحثوا عن شخص قد يكون الداعم الأول لكم ويشجعكم على مجهوداتكم في ترك العادة السيئة، فوجود ذلك الشخص مهم في هذه الأوقات من حياتكم حتى تستمروا، إن لم تجدوا شخصًا على أرض الواقع خصصوا وقتًا معيّنًا في كل يوم لتستمعوا لشخص على منصات التواصل الاجتماعي مر بنفس التجربة فذلك سيدعمكم كثيرًا ويحثُّكم على الثبات، وأيضًا يمكنكم الاستعانة بالطبيب النفسي أو المرشد في تلك المرحلة ليساعدكم على التوجيه الصحيح في ترك العادات واتجاهكم لهم قد يُسهل عليكم الكثير.

رمضان فرصة رائعة للاستفادة منه لتحويل اتجاهاتنا في حياتنا من طرق متعرجة إلى طرق مستقيمة، كونوا أذكياء واختاروا الطريق الصحيح.