فلسطين أون لاين

صلاة التراويح.. "عبق رمضان" في الأسر

...
غزة- هدى الدلو:

كلما اقترب رمضان يتجهز الأسرى لاستقباله، ويعملون على صياغة البرنامج الرمضاني الذي سيتّبعونه من صلاة وقيام وحفظ للقران الكريم وتلاوته ومراجعته، فكيف تبدو أجواء وظروف أداء الصلوات والعبادات في السجن، رغم التحديات ومعيقات السجان؟

المحرَّر وليد الأغا الذي أمضى في سجون الاحتلال 13 سنة، يقول: "على صعيد الزنازين تُعقد جلسة في كل زنزانة لترتيب الأمر المتعلق برمضان داخليًّا، من حيث صلاة التراويح وتحديد الإمام، أو ربما يكون أكثر من إمام ويُتَّفق على أكثرهم حفظًا للقرآن، وأجملهم صوتًا، وللملاحظة غالبًا ما يفسح المجال هنا للحفظة حتى يتسنى لهم مراجعة حفظ القران من خلال صلاة التراويح".

ويوضح لصحيفة "فلسطين" أنه في الغالب يتَّفق الأسرى على ختم المصحف خلال الشهر الفضيل في أثناء قيام التراويح، فكل يوم يصلون ثماني ركعات جماعية، ويقرؤون فيهن جزءًا واحدًا، وبعد ذلك يترك المجال لكل أخ بالصلاة وقتما وكيفما يشاء.

ويتابع الأغا: "هناك من الأسرى يفضِّل النوم بعد التراويح والاستيقاظ قبل الثلث الأخير ليصلي قيامه، وهناك من يفضِّل عدم النوم طول الليل ما بين تلاوة وقيام".

ويبيَّن أنه أيضًا يُتَّفق على ترتيب جدول المواعظ، والتي في الغالب تكون دورية فكل يوم على أخ يعدها ويلقيها على الشباب في أثناء استراحة صلاة التراويح.

ويصف الأغا الأجواء خلال صلاة التراويح بأنها جميلة وطيبة، ولكن لم تكن بجمال التراويح في المسجد وأجوائه والاجتماع بالمصلين من الأصدقاء والأهل والأحباب والجيران.

وتبدأ في كل ليلة ذكريات رمضان والتراويح وقصص يروي فيها الشباب لبعضهم أجواءهم الخاصة قبل الأسر في رمضان، "وبالتالي تكون المشاعر والقلوب قد حنَّت ليوم نحتضن فيه محاريب مساجدنا ونشتاق إلى صلاة ركعتين بين جنباتها".

وبالنسبة لليلة القدر، يشير الأغا إلى أنهم كانوا يصلَّون التراويح كالعادة 8 ركعات بجزء، ثم يحظوا باستراحة ساعة مع الشاي وأحيانا يصاحبه ما أعدَّه الشباب من الطيبات (الحلويات المصنعة في السجن)، ثم يكملون بثماني ركعات أخرى بجزء آخر حتى تكون ختمة القران في ليلة الـ29، وبعدها يكون القيام فرديًّا.

وفي أحد الأعوام، اتَّفق الأسرى في ليلة 27 رمضان على برنامج جماعي، "وكانت من أجمل الليالي حيث حاكينا البرامج التي كنا نعدُّها في المساجد".

أطول وقت للعبادات

كذلك المحرر أحمد الفليت الذي حكم عليه الاحتلال الإسرائيلي بالسجن المؤبد مدى الحياة، وقضى 20 سنة داخل الأسر وأفرج عنه بصفقة وفاء الأحرار، يبيّن أن برنامجًا خاصًا بشهر رمضان يوضع، لتخصيص أطول وقت ممكن للعبادات.

وفيما يتعلق بصلاة الجماعة والتراويح، يقول لصحيفة "فلسطين": يتمكن الأسرى بداخل كل قسم من الصلاة الجماعية في الساحة الخاصة فيه، ففي سجن نفحة سبعة أقسام بسبع ساحات، يُصلى فيها، بينما في الصلوات اليومية كل 10 أسرى يصلّون معًا.

ويشير الفليت إلى أن صلاة القيام والتراويح تُصلّى جماعيًّا، رغم أنها تتم بعد إغلاق القسم، ويقرأ الأسرى في صلاتهم تقريبًا جزءًا يوميًّا لتكون ختمة جماعية.

ويوضح أن الاحتلال لا يمكنه منع التراويح حيث تُؤدَّى جماعيًّا لكن لكل قسم منفردًا.

ويتابع الفليت: "الأسر فرصة لغالبية الأسرى لمراجعة القرآن والإمامة به في الصلاة الجماعية؛ لكونهم مجازين في أحكام التلاوة والتجويد، ويُتناوب في موضوع الإمامة بين الأسرى، وبعد ذلك يكمل كل واحد منهم قيامهم منفردًا".

وينبَّه إلى أن الأسرى يجتهدون بالشهر الفضيل فالأسير يمكنه أن يختم المصحف 3 مرات شهريًّا.

كما يجتهد الأسرى بالدعاء والابتهال وهذا له أثر نفسي عظيم على نفوسهم، وهو ما يختم به الفليت حديثه.