فلسطين أون لاين

نجمة نائل (3)

...
بقلم الأسير سعيد ذياب

هل تعرفونَ أن كريم يونس وماهر يونس ووليد دقة ومحمد أبو مُخ وأبو شادي الطوس ومحمد داوود وإبراهيم أبو مخ وإبراهيم بيادسة وسمير أبو نعمة وجمعة آدم ورائد السعدي وأحمد أبو جابر ومحمود خرابيش هم أسماءُ المشاركين في ماراثون الثلاثين، أي مَن أمضى أكثر من ثلاثين عاما في الاعتقال؟!

هل تذكرون بسام السايح وفارس بارود ونصار طقاطقة وعزيز العويسات وسعد الغرابلة وكمال أبو وعَر، هؤلاء نُزَلاء قسم الثلاجات؟!

الأسرى الشهداء الذين ارتاحت أرواحهم مِن عذابات المرض الطويل ففاضت تشكو إلى الله مرارة الحال، سافرت إلى السماء هربًا مِن جَورِ الأرض.

هل بلغكُم أن هُناكَ أسرى بأنصافِ أجساد اكتظت بهم الأوجاعُ خلف جدران مقهرة سجن الرملة المكنى تلطيفًا مستشفى سجن الرملة؟!

هؤلاءِ يبيتون في حُضن الموت وينتظرون، بل يتمنون ختم العبور للدارِ الآخِرَة فقط؟!

هل تُفكرون وأنتم تأوون ليلًا إلى دفء الأَسِرةِ والمفارش أن هناك من يتدثرُ بدفء الأمل وحسب، وتُغنيه حرارة خيالات مشاهد العناق والتلاقي، إذ لا دفء في صقيع الغياب وبين رطوبة الجدران العفِنة؟!

بالله أفكرتُم في زوجاتِ الأسرى اللائي يقتسمن شطرَ الوجع وقطارُ العمر يمضي بلا إبطاء، آخِذًا معهُ نرجسَ أُنوثتِهن وهُن على عهدِ الوفاءِ برضا المُحِب وصبر المُخلِص؟!

أما لفتَكُم حال أبناء الأسرى وهُم يكبرون على أنقاض طفولةٍ مُشوهة يفتقدون فيها حضور الأب وأمانَ أحضانهِ وسندَ أركانه؟!

أما استوقفتكم سنواتُ الشباب التي يركلها صلف القيد، فتدبر بها نضارةُ أجسادهم ولهيب عواطفهم وعنفوانِ مشاعرهم، دون أن يرشفوا من الحياة رشفة مودةٍ وحنان؟!

أما سائلتكم النخوة عن أخبارِ أخواتِ القيد الحرائر اللواتي قرأنَ عن جيشِ المُعتصم يوم هب فزعةً لصرخة العمورية، فوددنَ لو يُطلِقنَ صرختهن عن جبل الكرمل

المُحتضِنِ سجنهن، لعل رجع الصدى يبلغُ مُستقر الضمائر؟!

إلا أنهن آثَرنَ رجفةَ الصمتِ على خيبة الصوت التي يجللها الخذلان، إذ لا مُعتصم لهذا الزمانِ بعد.

أما بلغ مسامعكم خبر الأمهاتِ اللواتي قطع الأجل أمل انتظارهن ورحلن عن الدنيا بقلوبٍ تخنقها الحسرة، على غيابهن الذي كان رحمهن أول زنزانة أمل انبثقت لهم فيها الحياة، قبل أن تُزاحِمَهُن زنازين الألم فتسلبهن إياهم لتقتل فيهم أمل الحياة، وباقي الأمهات في وجفٍ يتعوذنَ مِن ذات المصير صباح مساء.