هل لتأجيل الانتخابات تداعيات سلبية على الوضع الفلسطيني العام؟! مثل هذا السؤال يجدر طرحه للنقاش العلني، في ظل ازدياد الحديث عن التأجيل. آخر هذه الأحاديث تصريحات حاتم عبد القادر عضو مركزية فتح، إذ قال إن قرار الانتخابات جاء على عجل، ودون إعداد كافٍ له، وهناك فصائل فلسطينية تؤيد التأجيل حتى تعيد تموضعها على خريطة الانتخابات بشكل أفضل.
هذه التصريحات لا تتناقض مع تصريح محمود عباس عن عزمه المضي قدمًا نحو الانتخابات في كل المناطق المحتلة. لا تناقض بين تصريحه وتصريح حاتم عبد القادر، أو مبادرة أسرى فتح، لأن الرئيس لا يستطيع أن يتبنى التأجيل علنا، لأن في ذلك إضرارًا مباشرًا بمنزلته ومكانته كرئيس. هو يقبل أن يصدر طلب التأجيل من غيره، من حاتم عبد القادر مثلًا، أو من أسرى فتح مثلًا، أو من تجمع فصائلي مثلًا.
من تداعيات التأجيل الطعن في قدرات الرئاسة على إدارة ملف الانتخابات. وفيه طعن في مصداقية المراسيم الرئاسية. التأجيل يعني أن سؤال وماذا بعد سيطرح بقوة؟! هل نعود للحالة التي كانت قبل المراسيم؟! هل يذهب عباس في خطوة جبر المكسور فيدعو لتشكيل حكومة وحدة وطنية، تأخذ على عاتقها الإعداد لانتخابات لاحقًا؟! وهل التأجيل سيحل مشكلة القدس؟! وكيف؟!
الفصائل بذلت جهودًا كبيرة للإعداد للانتخابات، وأنفقت أموالًا في هذا المجال، واستنهضت الخبراء لإعداد البرامج، وإعداد الدعاية، فهل كل ما بذلته الفصائل سيذهب أدراج الرياح بجرة قلم؟! وماذا عن الشعب وكل أفراده وفئاته تطالب بالانتخابات لأنها ملت الوضع القائم، وتريد تغييرًا، ويكفي شاهدًا أن قائمة شبابية سمت نفسها (بطفح الكيل)، تعبيرًا عن الرفض الشبابي والشعبي لاستمرار القديم.
التأجيل يعني دخول المجتمع الفلسطيني في جدال عنيف، حول الجهة المسؤولة عن التأجيل، وعن الأسباب الحقيقية التي تقف خلف التأجيل، جل المواطنين لا يقبلون حجة القدس، وهم عادة ما يبحثون عن أصحاب المصلحة في التأجيل، وبالتالي سيدخل المجتمع في حالة فقدان الثقة، وغياب البوصلة، وستنتشر الاتهامات والاتهامات المتبادلة.
إن أضرار التأجيل متعددة، ولا يمكن حصرها في مقال صغير، ولكن التنبيه على بعضها يمكن أن يحدث توازنًا في القرار الرسمي المحتمل اتخاذه من رئيس السلطة.