فلسطين أون لاين

تقرير جدولة القروض.. الموظف رهينة البنوك لسنوات طويلة

...
صورة أرشيفية
غزة/ رامي رمانة:

دأبت العادة على أن يطلب المدين أو المقترض من الجهة الدائنة إعادة جدولة القرض نتيجة تعسر أحواله وضعف مقدرته على السداد والوفاء بالالتزامات المالية للدائن، لكن في الحالة الفلسطينية، فإن الأمر قد اختلف في السنوات الأخيرة.

ويجد الموظف خاصة الحكومي نفسه مجبرًا على جدولة قرضه أو مرابحته، لأنه يتقاضى أنصاف راتب، وهو ما خلق حالة من الخلاف بين الدائن والمدين؛ ما استدعى من سلطة النقد التدخل، حيث اشتكى المقترضون من أن البنوك انتهازية، وأن الجدولة ما هي إلا ربح إضافي تسعى البنوك لتحقيقه.

وتعرف عملية إعادة جدولة الديون أو القروض، بأنها العملية التي تُغيَّر فيها البنود والشروط المُتعلقة بسعر الفائدة والمُتضمنة في العقد الذي تمت به عملية الدين أو منح القرض، ولربما يكون التغيير على مواعيد دفعات السداد من خلال تمديد فترة السداد.

قرض جديد

وقال الاختصاصي الاقتصادي د. رائد حلس: إن إعادة جدولة القروض هو بمنزلة قرض جديد بقيمة المديونية نفسها على صاحب القرض مضافًا إليه زيادة المدة الزمنية وزيادة نسبة الفوائد، وهو إجراء طارئ لجأ إليه القطاع المصرفي نتيجة الخصومات التي تمت على الموظفين 2017، وذلك كخطوة من القطاع المصرفي لتوفير سيولة نقدية من خلال تخفيض قيمة القسط ليتناسب مع الراتب المحول بعد الخصومات.

وأضاف حلس لصحيفة "فلسطين"، أن جدولة القروض وتخفيض قيمة القسط  الشهري عن المقترضين يعتبر على الصعيد الاقتصادي أمر إيجابي نتيجة زيادة السيولة النقدية التي ترتبت عن الجدولة، التي انعكست على الأسواق والحركة التجارية انعكاسًا ملحوظًا .

أما على صعيد القطاع المصرفي، بيّن حلس أن القطاع المصرفي حقق أرباحًا جديدة من خلال زيادة نسبة الفائدة والعمولات على إعادة الجدولة، التي لم تراعِ الوضع الاقتصادي الهش للمقترضين بعد خصم الرواتب.

وبينه أنه على صعيد المقترضين فقد تكبدوا خسائر مالية نتيجة زيادة الفترة الزمنية وزيادة نسبة الفوائد، إضافة إلى العمولات الإضافية التي دُفعت مقابل طلب إعادة الجدولة التي قُدِّمت إجباريًّا.

وشدد حلس على أن الأجدر بالقطاع المصرفي الموازنة بين مصلحة المصرف ومصلحة الموظف المقترض بما لا يضر المقترض الذي يعاني ظروفًا صعبة قبل أزمة خصم الرواتب، خاصة وأن القطاع المصرفي يمتلك مقومات صمود أكثر من الموظف المقترض.

نسبة ربح جديدة

المتخصص بالشأن الاقتصادي، د. وليد الجدي، بين أن موضوع القروض والمرابحات يشتمل على شقين هما: الأقساط المستحقة (الأقساط المتراكمة كمديونية) والشق الثاني: الأقساط اللاحقة المتبقية من قيمة القرض.

وقال الجدي لصحيفة "فلسطين": ما تتخذه البنوك الآن بقرار التحصيل هو أن يدفع المدين (المقترض) كل المديونية الواجبة عليه، التي تمثل الأقساط المستحقة، وهذا لا يتطلب دفع أي غرامات أو أرباح جديدة باستثناء عمولة إدارية رمزية، وهذا في حالة السداد الفوري لقيمة الأقساط المستحقة".

أما في حالة عدم مقدرة الموظف على السداد الفوري، والحديث للجدي، فيطلب منه جدولة للمديونية وهنا يفرض البنك نسبة ربح جديدة عن المبلغ المستحق، ويعيد هيكلته وترحيل سداده إلى ما بعد السداد الأساسي (بمعنى كأنه قرض جديد بفوائد جديدة) وهذا جائز من الناحية المالية والقانونية.

وتابع القول: "أما النوع الثالث هو أن يقوم البنك بنظام الإزاحة الكاملة لكل الأقساط المستحقة واللاحقة وإعادة جدولة المبلغ المتبقي كقرض جديد.

ورأى أنه لا يوجد أي أثر سلبي على البنك أو المقترض من إعادة الجدولة ما دامت هي في حدود القانون والمنطق، لأن المقترض كان واجبا عليه تسديد ما عليه حسب المواعيد والبرنامج المتفق عليه، مشيرًا إلى أن موضوع الإزاحة أفضل للمقترض من طريقة الجدولة.

ويُعرف الإزاحة على أنها ترحيل لكل الأقساط المستحقة إلى تاريخ ما بعد انتهاء الأقساط الطبيعية، يعني إلى ما بعد انتهاء القرض الأصلي، وهذا في صالح المقترض وينتهج هذه الطريقة بعض المصارف الإسلامية التي تنتهج المرابحة في تعاملاتها.

أما الجدولة فهي إزاحة مع هيكلة جديدة بفوائد جديدة، بمعنى يصبح المبلغ المستحق من الأقساط كأنه قرض جديد يضاف لقيمة القرض القديم بعض جدولة وخصم قيمة القسط الحقيقي دون الفوائد.

وهذا يعنى أن البنك يهمه في الأساس تحصيل قيمة الربح والعمولة على الأقساط، وهذا متبع في البنوك التجارية الربوية، مشيرًا إلى أن الجدولة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة هي لصالح المقترض لأنه يخفف عنه عبء السداد الفوري.