قائمة الموقع

حكواتي رمضان يفقد "شذاه" هذا العام

2021-04-18T11:45:00+03:00

ثوبها البيراوي بألوانه المزركشة والمنديل المطبع بالورود ما يزالان معلقين في الخزانة، الأطفال ينتظرون أن تطل به "الحكواتية" شذا لتروي لهم القصص والحكايات التراثية، يفتقدون في رمضان هذا العام صوتها وحضورها وبراعتها في طريقة السرد التي تجعلهم يتحلقون حولها وكلهم آذان صاغية.

شذا الطويل هي اليوم أسيرة تخنقها جدران السجن دون أي تهمة، أراد المحتل أن يكسر حيويتها وطاقتها وحبها للعطاء ومساعدة الآخرين، يظن بأسرها أنه سيخفت شذاها الذي ما يزال يشتمه كل شخص تركت أثرًا في حياته.

شذا الطويل (21 عامًا) من مدينة البيرة، أسرها الاحتلال في الثاني من تشرين الآخر (نوفمبر) 2020، عندما اقتحم جنود الاحتلال الإسرائيلي بيتها واقتادها من وسط أسرتها، وهي الطالبة الجامعية في اختصاص برمجة الحاسوب بجامعة بير زيت.

حينما سألت مراسلة صحيفة "فلسطين" والدها زياد الطويل كم المدة التي مرت على شذا في الأسر، أجاب: "161 يومًا"، لم يجب: "خمسة أشهر" كما هي العادة، لأن غياب شذا يمر ثقيلًا على أيامه التي يحسبها بالثانية والدقيقة، لعلها تنجلي سريعًا ويعود طيب شذا إلى البيت.

بدأ زياد في سرد ذكرياته مع ابنته في رمضان، جاء صوته حزينًا عبر الهاتف: "شذا تمثل لي جوهرة الدار وسبب السعادة والفرح والمرح في البيت"، خنقته العبرات وغاب صوته خلف السماعة معتذرًا عن عدم قدرته على مواصلة الحديث، لأن الحنين إلى حضن ابنته الوحيدة غلبه.

رزقت خولة وزياد شذا وأسعد، شذا هي الابنة الكبرى وأول فرحتهما والنموذج الذي يفتخران به.

شذا هي ابنة أبيها ومدللته والمتيمة به وكانت الأقرب إلى قلبه، كان لا يقوى أن يعاقبها يومًا ولا أن يرفع صوته عليها، وإن أخطأت، كان يمنع والدتها أن تتخذ موقفًا حازمًا منها، وكان اللين طريقه إلى قلب محبوبته.

استهلت خولة والدة شذا حديثها بـ: "شذا ابنة أبيها والأقرب إليه، رغم دلاله زرعه أثمر؛ فكلٌّ يهنئه على ثماره التي أينعت؛ فهو استطاع أن يربي ابنة وحيدة قوية متماسكة لديها حس من المسئولية تجاه عائلتها وجميع من تقابله في حياتها الجامعية والتطوعية".

من لا يعرف شذا من موقف ترويه والدتها سيستشعر أنها صبية سيكون لها شأن عظيم ومؤثر في المجتمع يومًا ما: "في سنتها الجامعية الأولى خاضت شذا انتخابات نادي الحاسوب في كليتها، لتفاجئ الجميع بحصادها أعلى نسبة للأصوات من بين المرشحين، إذ ترجم زملاؤها محبتهم لها بتشجيعهم لها بأصواتهم".

في هذه الأيام من الشهر الفضيل يفترض أن تكون شذا بين زملائها تساعدهم وتضع الخطط معهم، لتنفيذ نشاطات تطوعية، كتوزيع التمور وزجاجات الماء البارد على السائقين في المفارق المزدحمة.

تقول خولة: "كانت ابنتي تقضي أيامها الرمضانية في أعمال تطوعية بغية نيل الثواب وتقديم يد المساعدة للناس، وإدخال الفرحة على قلوب الأطفال بلعب دور الحكواتي".

"البيت الخالي من البنات كالغصن اليابس" هكذا وصفت خولة غياب فلذة كبدها عنها في هذه الأيام، فهي من كانت تعطي البيت روحًا بحركتها ونغاشتها وخفة دمها، وفي الوقت نفسه كانت ذات شخصية قوية ومثقفة.

خولة منعت عن نفسها وعائلتها أن تعد أطباقًا كانت تفضلها شذا وتبرع في صنعها، كالمعكرونة بالبشاميل لأن طعمها لا يقارن بطعم الطبق الذي كانت تعده شذا بيديها، والفطيرة التركية.

لدى عائلة شذا طقس يمارسونه باستمرار، وهو إقامة حفلة شواء، كانت هي الحفلة الأمتع لابنتها إذ كانت تتفنن في إعداد السلطات للمدعوين، توقفت عن إقامتها منذ لحظة أسرها.

تبين خولة أنه كان لشذا لمسة خاصة، إذ كانت تصر على أن تصنع طبقًا من ألفه إلى يائه لتكسب به قلوب عائلتها الممتدة في وجبة الإفطار، وكل كانت ينتظره بصبر نافد، لأنها تهتم بأن تخرجه على أتم وجه.

وتذكر والدتها موقفًا لامها زوجها عليه لإعدادها وجبة تفضلها شذا: "وجبة السمك هي وجبة مميزة وشهية لجميع أفراد العائلة، لأنه لا يتوافر على الدوام في مدينتنا كغزة مثلًا، لامني زوجي قائلًا: (كيف لي أن آكل السمك وشذا في سجن الدامون؟!)".

 

 

اخبار ذات صلة