فلسطين أون لاين

نجمة نائل (2)

...
بقلم الأسير سعيد ذياب

فتحيلُكَ دعابته اللطيفة وحسنُ معشرهِ وطيب حديثه مُحِبًّا لمجالستهِ أو مشاركتهِ دقائق المشي المحسوبة، فتدركُ مع الأيامِ أنكَ أمامَ رجُلٍ استثنائي، قَل أن تجدَ مثيلًا له، خلف هذه النفس الحانية المُحِبة للحياة المتمردة على قسوة السجون، وبلادةِ أيامهِ وجفاف سنينه، هناك نفوسٌ أُخرى لا تَقِل إدهاشًا بثباتها وقوتها وتماسُكها وفهمِها.

الواعي لمجريات الواقع وتقلبات السياسة، إذ رُغم قِلةِ الأدوات التي تعينه على متابعة دُنيا الناس فإنه أكثر دراية من كثير ممن يتقافز لاهيًا بين شبكات التواصل وتطبيقاته المختلفة.

ذلك أنهُ أحسنَ استغلال ما بين يديه، فتراهُ متنقلًا بين النشَرات الإخبارية والبرامج المختلفةِ على الإذاعات، ومُنقبًا كل سطور الصحف وتحديدًا صحيفة القدس إن صدف ووقعت بين يديهِ، وإن مضى على إصدارها أسابيع، وما بين هذا وذاك تراهُ مُلازمًا لِكِتابٍ عن السياسة أو الفكر أو التاريخ وهو المُحَببُ لديه.

لا يطيقُ طبعُ قلمي تمجيدَ الأشخاص إلا أن أبا النور لا يُمثلُ شخصه، وإن كان يستحق أن تُفرَدَ له المحابِرُ والسطور، بل يُمثلُ فكرةً وقضية وامتدادًا حيًّا على وجعِ الأسرى وملفهم الحاضرِ في حُضنِ الغياب، الساكنِ في عُمقِ الضياع، المركون في زوايا النسيان، والشاهدِ على ظُلمِ الجميع له.

وهُنا لا أتحدثُ عن الاحتلال، فهو يبقى احتلالًا لا يرعى ذمةً ولا يُرتَجَى منهُ إنصاف.

بل أتحدثُ عمن يرى في اسم نائل البرغوثي وقضية الأسرى مادة يحشو بها فراغَ تصريحاته الفارغة.

أو يرفعُ صورتَهُ التي تختزلُ عذابات الأسرى على يافطةٍ توضَعُ استجداءً أمام مقر صليب، أو مُجرد اسمٍ تُختتَمُ به بياناتِ التضامُنِ الملحمية.

وأسألكم: هل قرأ أو سمِعَ واحدكم أي ذكرٍ للأسرى في مناهجنا التعليمية من التمهيدي وصولًا للدراسات العُليا؟!

هل تشربت أجيالُنا الفتية أهمية قضية الأسرى الذين وقفوا في وجه الاحتلال يومًا وحطموا أنف غطرسته دِفاعًا عن شعبهم قبل أن تبتلعَ الجُدرانَ أعمارهم وتتركهم فرائس الموتِ البطيء؟

هل زرعتُم في نفوس الناشِئة أن حُريةَ الأوطان لا تكون إلا بحريةِ الإنسان،

وبأن حرية الإنسانِ لا تأتي بالقلمِ واللسان، بل بالقوة التي يحققها السيفُ والسنَان؟!

هل أحصيتُم أسماءَ الأسرى الذين تراكمَ حِملُ السنين على كواهلهم حتى احدودبتْ منها ظهورهم وابيضتْ منها رؤوسهم وغارت في ضيق الزنازين عيونُهم؟!

اقرأ "نجمة نائل 1" felesteen.ps/post/86654