نظَّمت صحيفة "فلسطين" ورشة عمل تحت عنوان: "موقع الأسرى في الانتخابات التشريعية 2021"، تزامنًا مع ذكرى يوم الأسير الفلسطيني الذي يوافق 17نيسان/إبريل من كل عام.
وهدفت الورشة إلى تسليط الضوء على أهمية مشاركة الأسرى في القوائم الانتخابية المشكَّلة لخوض الانتخابات التشريعية، والتركيز على معاناة الأسرى القابعين خلف أسوار السجون، ودور المؤسسات المعنية تجاههم.
وشارك في الورشة التي عُقدت بمقر الصحيفة بمدينة غزة، أول من أمس، مدير التحرير في صحيفة "فلسطين" مفيد أبو شمالة، ومدير جمعية واعد للأسرى والمحررين عبد الله قنديل، ومسؤول ملف الأسرى في الجبهة الشعبية علام الكعبي، ومسؤول ملف الأسرى في الجبهة الديمقراطية إبراهيم منصور، وعدد من الزملاء الصحفيين.
ثوابت وطنية
وأكد أبو شمالة حرص صحيفة "فلسطين" منذ انطلاقتها في 3أيار/مايو2007 على الثوابت الوطنية الفلسطينية، وخاصة قضية القدس واللاجئين وحق العودة والأسرى.
وقال أبو شمالة: إن الصحيفة تركِّز يوميًّا على متابعة قضايا الأسرى، وتنشرها على صدر صفحاتها، مبينًا أن صحيفته تخصص في عددها اليومي جزءًا لمناقشة قضاياهم.
وأضاف: نعمل وفق سياسة تحريرية هدفها الدفاع عن القضية الفلسطينية إعلاميًا؛ وأحد أشكال الدفاع هو إبقاء قضايانا الثابتة حاضرة ومنها قضية الأسرى.
وبيَّن أن صحيفته تتابع عن كثب ملف الإضراب عن الطعام سواء كان فرديًّا أو جماعيًّا ويتم تغطيته ومتابعته أولًا بأول، إلى جانب متابعة ملف المرضى وإعداد الأخبار والتقارير عنهم.
وأكد أبو شمالة أن صحيفة "فلسطين" لا تميِّز في تعاملها بين أسير وآخر بغض النظر عن انتمائه الحزبي ومكان سكناه، مستعرضًا عددًا من الملفات والحملات والملاحق التي أصدرتها الصحيفة عن الأسرى.
وجدد تأكيده أن الصحيفة "يدها ممدودة للجميع من أجل نقل معاناة الأسرى حتى تحريرهم من السجون".
جرائم وحشية
وفي بداية كلمته، أشاد قنديل بدور صحيفة "فلسطين" واهتمامها بنقل ومتابعة ملف الأسرى.
وعدَّ قنديل وجود أسماء أسرى ضمن القوائم الانتخابية يعلي شأن الأسير والحركة الأسيرة، ولا سيما "أن منهم من أفنوا زهرات شبابهم دفاعًا عن قضيتنا العادلة".
وأكد أن سلطات الاحتلال تمارس جرائم وحشية بحق أسرانا خلف السجون، مضيفًا: "مع كل حكومة إسرائيلية جديدة يُشدَّد الخناق على أسرانا".
وبيَّن أن الاحتلال يحرص على تعيين من يحمل ملف السجون يكون "الأكثر وحشية"، ما يثبت أن الهجمة الممارسة بحق أسرانا في تصاعد مستمر، مدللًا على ذلك بارتفاع عدد شهداء الحركة الأسيرة.
وأضاف: "كنا خلال الأعوام الماضية نشهد استشهاد أسير أو إصابة أحدهم بمرض السرطان، وبتنا نسجل خمسة إلى ستة شهداء في العام الواحد، إلى جانب ارتفاع أعداد المصابين بالسرطان".
وذكر قنديل أن ما يصل إلينا من مؤسسات ومهتمين في شؤون الأسرى من جرائم ترتكب بحق الأسرى "غيض من فيض، فما يُخفى عن المؤسسات والأهالي أكبر مما يخرج للعلن".
وفي السياق ذاته، ذكر قنديل أن الأسرى الإداريين يتجهزون لخوض سلسلة خطوات احتجاجية للمطالبة بإنهاء اعتقالهم الإداري المخالف لكل الأعراف والمواثيق الدولية.
ولفت إلى ارتفاع أعداد الأسرى المصابين بالسرطان إلى 25 أسيرًا، نتيجة أجهزة التشويش التي ركبتها إدارة السجون بالقرب من غرف وأقسام الأسرى، إلى جانب مواصلة سياسة الإهمال الطبي الممارس بحق أسرانا المرضى والبالغ عددهم نحو 700 أسير، منهم نحو18 أسيرًا يقبعون في عيادة "سجن الرملة" الذي وصفه بـ "مقبرة الأحياء".
ودعا مدير جمعية واعد المؤسسات العاملة في مجال الأسرى إلى تفعيل أدواتها، وأهاب بالفصائل بضرورة حشد الجماهير لنصرة الأسرى، مؤكدًا وجود تقصير من المؤسسة الرسمية الفلسطينية في التعاطي مع قضاياهم.
قضية مهمة
وتعليقًا على ترشيح الأسرى ضمن القوائم الانتخابية، أكد الكعبي أن الأسرى "يكرِّمون أي قائمة تضم أسماءهم، ويرفضون أن تصبح العملية الانتخابية وقضية الأسرى محط مزايدة"، مشددة على أن رسالتهم هي الوحدة الوطنية والحفاظ عليها.
وقال الكعبي، وهو عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية: إن قضية التعامل مع الأسرى في غاية الأهمية ولا يجب أن تكون محصورة في الدعاية الانتخابية، أو من باب تكريمهم أو المزايدة التي تستخدم أحيانًا في غير محلها".
وأشار إلى أن هناك "من ضحى بكل سنوات عمره في الأسر فهو لن يندفع ليحاصص الآخرين على مقعد وامتيازات لن يطالها بسبب اعتقاله"، مشددًا على أهمية وجود قوائم تحمل أسماء أسرى ومحررين.
وذكر أن ترشُّح الأسرى في القوائم الانتخابية استحقاق -وليس منّة- من أحد يجب أن تدفعه الفصائل والقوائم الانتخابية للوفاء لنضالات الأسرى الجسام خلف السجون، "فهم من تقدَّموا الصفوف وفرضوا على الاحتلال الاستجابة لمطالبهم".
ووصف قرار شطب ترشيح الأسير حسن سلامة، من قائمة "القدس موعدنا" بـ "مخيب للآمال، وطعنة في خاصرة النضال الوطني والمشروع الفلسطيني".
وأكد أن استثناء الأسير سلامة، الذي مضى على اعتقاله أكثر من 20 عامًا في السجون بفعل إجراءات شكلية "كان بالإمكان تجاوزها والقفز عنها".
وأضاف أن تعنُّت لجنة الانتخابات المركزية لم يكن مبررًا ولم يكن يأخذ البعد الوطني والسياسي لوجود الأسير سلامة على القائمة الانتخابية، "فكان الأولى أن يجيز القانون الفلسطيني للأسير ما لا يسمح لغيرهم".
وتابع: "دون وجود الأسرى في القوائم الانتخابية ودون مباركتهم ستكون الانتخابات منقوصة ويلفها الكثير من علامات الاستفهام"، داعيًا إلى إبقاء الصوت مرتفع من أجل التراجع عن قرار شطب الأسير سلامة من الترشُّح على قائمة "القدس موعدنا".
واستدرك: كان من المفترض أن يكون الأسير سلامة مرشَّح كل الفلسطينيين وكل من يؤمن بخيار مقاومة الاحتلال، مشددًا على أن الانتخابات منقوصة إن لم تنل شرعية وجود الأسرى والمحررين على سلم أولويات القوائم الانتخابية.
وتابع: إن لم يأتِ المجلس التشريعي بأدوات نضالية مقاوِمة لكل سياسات الاحتلال ستبقى العملية منقوصة وبحاجة إلى ترميم وإعادة النظر.
وشدد الكعبي على ضرورة دفع الاحتلال للتعامل مع أسرانا كأسرى حرب، شاكرًا في الوقت ذاته، صحيفة "فلسطين" على دورها في مناقشة قضايا الأسرى ونشر أخبارهم على صفحاتها.
حرص الفصائل
من جانبه، قال منصور: إن وجود الأسرى في القوائم الانتخابية يعطي الشرعية النضالية لأي قائمة انتخابية، مبيّنًا حرص القوائم الحزبية على أن يكون ضمن قوائمها الانتخابية أسرى ومحررون.
وبيّن منصور وهو مسؤول ملف الأسرى في الجبهة الديمقراطية أن السجون تحظى بجانب كبير لتصدير الشرعيات الفلسطينية، لافتًا إلى أن وثيقة الوفاق الوطني لم يعارضها أحد؛ نظرًا لقناعة الفصائل أنها جاءت من أحد مصادر الشرعية الفلسطينية.
وعدَّ رفْض ترشُّح الأسير سلامة، بقرار من لجنة الانتخابات المركزية غير مبرر وطنيًّا ولا سياسيًّا.
ورأى أن إمكانية التراجع عن قرار شطب الأسير سلامة من قائمة الترشُّح، غير صعب وبحاجة إلى نقاش سياسي بين القوى الفلسطينية، وبحاجة إلى قرار ونية من المشاركين بالعملية الانتخابية لأن يكون الأسرى عنوانًا للانتخابات كالقدس والاستيطان.
وقال: "كل منبر إعلام يهتم بقضايا الأسرى يُحترَم"، مؤكدًا أهمية أن تكون وسائل الإعلام شريكًا رئيسًا في العملية النضالية من أجل تحرير أسرانا.
وأوصى منصور بضرورة عقد ندوة شهرية لتسليط الضوء على الجرائم التي تُرتكب بحق أسرانا بما يتوافق مع التصنيف الدولي لها.