في محاولة للالتفاف على غضب مؤسسات المجتمع المدني ونقابة المحامين في الضفة الغربية المحتلة، ورفضهما "قرارات بقانون" التي أصدرها رئيس السلطة محمود عباس مؤخرًا وتمس السلطة القضائية، أصدر الأخير قرارًا بتشكيل لجنة لدراسة القرارات بقانون المعدلة للتشريعات القضائية خلال 30 يومًا.
ويشكك قانونيون في حيادية اللجنة وخاصة أن رئيسها يقف وراء تقديم "قرارات بقانون" التي تمس السلطة القضائية إلى رئيس السلطة قبل إصدارها.
ويترأس اللجنة مستشار رئيس السلطة القانوني علي مهنا، وممثل عن مجلس القضاء الأعلى، ونقيب المحامين الأسبق أحمد الصياد، ونقيب المحاميين جواد عبيدات، وعمداء كليات الحقوق في جامعات القدس وبيرزيت والنجاح والخليل.
ووصف عضو مجلس نقابة المحامين السابق، داود درعاوي، أن اللجنة التي شكَّلها رئيس السلطة، لأخذ الرأي ورفع توصية حول "قرارات بقانون" التي صدرت ومست استقلالية القضاء، بأنها "غير حيادية".
وأوضح درعاوي لصحيفة "فلسطين" أن رئيس اللجنة المُشكَّلة هو المسؤول عن وضع "قرارات بقانون" لذلك يستحيل أن يخطِّئ نفسه ويصدر توصيات تطلب إلغاء القرارات بقانون التي أُصدرت.
وذكر أن الهدف من تشكيل اللجنة هو "فقط شراء الوقت" إلى حين انتخاب مجلس تشريعي -إذا أُجريت الانتخابات- كما أن تشكيلها ليس كافيًا لإلغاء أو تجميد القرارات بقانون المخالفة للقانون".
وأشار إلى أن اللجنة التي شُكِّلت استثنت جهات مهمة وهي مؤسسات المجتمع المدني، واستبدل بهم عمداء كليات الحقوق في جامعات القدس وبيرزيت والنجاح والخليل.
وبيّن درعاوي أن قرار عمداء الكليات لن يكون حياديًّا؛ لكون السلطة هي التي تموِّل تلك الجامعات "لذلك لن يكونوا قادرين على اتخاذ مواقف مغايرة للقرار السياسي".
واتفق مع أقوال سابقه، المستشار القانوني أحمد الحروب الذى أكد أن اللجنة التي قرر الرئيس تشكيلها "لن تكون جزءًا من الحل للقرارات بقانون التي أُصدرت ومسَّت استقلالية القضاء؛ لأن رئيس اللجنة هو من صاغ تلك القرارات".
وقال الحروب لصحيفة "فلسطين": إن تشكيل اللجنة لدراسة "قرارات بقانون" لن تجدي نفعًا، ولن تضع حلولًا سوى الاعتراف بشرعية هذه القرارات؛ لأن أعضاء اللجنة "هم من خلقوا الأزمة وهندسوا القرارات بقانون".
وأوضح أنه لأجل تصويت داخل اللجنة على تمرير القرارات بقانون سيكون بموافقة 6 أعضاء على القرارات، و2 ضد القرارات عدا عن أن تشكيلها بهذا التوقيت يدلِّل "على ضمان أصوات التأييد للقرارات خاصة عمداء الكليات وممثل مجلس القضاء".
ونبَّه الحروب إلى أن أعضاء كليات الحقوق سيعملون على إقرار "قرارات بقانون ولن يقوموا بمعارضتها، لكونهم أقنعوا مسبقًا رئيس السلطة بشرعيتها وإصدارها".
وشدد الحروب على ضرورة أن يكون أعضاء اللجنة محايدون لدراسة "قرارات بقانون"، والخروج بتوصيات محايدة، وعدم استخدامهم لتمرير القرارات بقانون.
وسبق أن قرر مجلس نقابة المحامين استمرار مقاطعة الهيئات المستحدثة الناشئة عن القرارات بقانون رقم (39،40،41) والمتمثلة بمحكمة النقض بصفتها محكمة إدارية، ومحاكم الاستئناف المستحدثة، ومحكمة الجنايات القاضي الفرد.
يشار إلى أن عباس أصدر جملة من "قرارات بقانون" عدَّل بها قانون السلطة القضائية، إذ أجاز التعديل لمجلس القضاء الأعلى إحالة أي قاضٍ على التقاعد، إذا كان لديه خدمة مقبولة للتقاعد مدتها 15 عامًا، وإذا كانت أقل من ذلك في حدود 10 أعوام أو أكثر يحال على الاستيداع لإكمال مدة التقاعد.
وجاء في التعديلات تشكيل محاكم نظامية جديدة، وإنشاء قضاء إداري مستقل على درجتين، وترقية عددٍ من قضاة البداية إلى قضاة استئناف، وإحالة 6 قضاة إلى التقاعد المبكر بناءً على تنسيب من مجلس القضاء الأعلى الانتقالي.