مهمة المسحراتي بالنسبة لهيثم حسام نصر (22 عامًا) تبدو صعبة، ولا سيَّما أن ساقه تعرضت للبتر على إثر إصابته برصاص الاحتلال الإسرائيلي في مسيرات العودة شرق محافظة رفح.

المهمة ليست جديدةً عليه، فقد كان يمارسها قبل إصابته عام 2018، مع عدد من أصدقائه، ثم انقطع عنها مدة سنتين بسبب الإصابة؛ لكن حنينه إليها واستحسان أهل الحارة للمسحراتي، شده إليها مرة أخرى على الرغم من الإصابة.

وينادي نصر بأعلى صوته نداءات منها: "اصحى يا إسماعيل وصحي أخوك إبراهيم"، و"قوموا للسحور واعبدوا الرب الغفور"، و"اصحى يا محمود وصحي أهل الدار"، و"اصحى يا نايم وحد الدايم".

ويحرص في أثناء نداءاته على استخدام عبارات سجعية جذابة، إضافة إلى بعض الشعارات الدينية التقليدية الأخرى لإيقاظ المواطنين للسحور.

ويعدُّ نصر مهمة المسحراتي بمنزلة تقديم خدمة لسكان حارته "أسدود" والحارة المجاورة "أبو الصابر" بمخيم الشابورة وسط مدينة رفح جنوب قطاع غزة، يرجو من ورائها الأجر والثواب من الله تعالى في شهر رمضان المبارك.

ويساعد نصر أحد أصدقائه في جولته التي يبدؤها قبل ساعتين من موعد الإمساك لإيقاظ أهل الحارة، الذين تعودوا صوته ونداءاته، مستخدمًا في عمله طبلة متوسطة الحجم تُسمى "الدِّم" وعصا صغيرة وحنجرته القوية.

ويجد الشاب هيثم السعادة في نفسه، لاستحسان الناس مهمته واستلطافهم نداءاته، ولا سيما أنهم يلتقطون الصور معه عندما يجدونه في طريقهم ويشجعونه على مواصلة عمله.

وأصيب نصر برصاص الاحتلال بتاريخ 31 مارس 2018، في رجله في منطقة أعلى الركبة، التي بترت بعد نحو شهر من الإصابة.

ويأمل الحصول على طرف صناعي بمواصفات متقدمة يساعده على المشي والحركة، والاستغناء عن العكازتين اللتين يتكئ عليهما وتسببان له بعض المتاعب، وفق حديثه.

كما يأمل تحسين ظروف حياته المعيشية والحصول على منزل، ولا سيما أنه وعائلته يسكنون بالإيجار منذ 28 عامًا.

ويعود تاريخ مهنة المسحراتي التي ارتبطت بشهر رمضان المبارك إلى العصور الإسلامية الأولى.

وتذكر بعض المصادر أنها تعود إلى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ كان بلال بن رباح أول مسحراتي في التاريخ الإسلامي يجوب الشوارع والطرقات لإيقاظ الناس للسحور بصوته العذب طوال ليالي رمضان ومنذ ذلك التاريخ أصبح "المسحراتي" مهنة رمضانية أصيلة.