فلسطين أون لاين

كيف نستقبل رمضان؟

...
م.عماد صيام
م.عماد صيام

ربما يتساءل البعض: هل شهر رمضان بحاجة إلى استعداد؟ نعم، نحن بحاجة لتهيئة هذه الأنفس لاستقبال شهر عظيم، حتى لا تكون العبادة ثقيلة على النفس، خاصة بعدما خالطها الكثير من الشهوات والشبهات، أطلق لها العنان عاماً كاملاً قدمت فيه وأخرت، أنجزت وأخفقت، قدمت طاعات واقترفت معاصي، وجاء موعد المدرسة الروحانية والدورة التدريبية السنوية. ولكي نُقبل على الله تعالى فرحين مستبشرين بهذا الشهر علينا أن نبدأ في ترويض هذه النفس وتزكيتها، خاصة أن التدرج تألفه النفس، لذا علينا من الآن التخلص من العادات السيئة والمعاصي المتكررة، فكما قال علماؤنا: "التخلية قبل التحلية".

التخلية من السيئات قبل فعل الحسنات، فهل يُعقل أن نصوم شهراً كاملاً ونحن قاطعون لأرحامنا وجيراننا؟ هل ما زالت أعيننا تنظر للمحرمات؟ وهل سنستمر في ذلك حتى في نهار رمضان أو ليله؟ أما زلنا نثور غضباً لأي سبب ولا نسعى للتدريب على كظم الغيظ والعفو عن الناس؟

هل يُعقل أن نقبل على المساجد والقرآن الكريم في رمضان فقط؟ ألا نجعل لنا نصيباً من التدريب على الصيام ولو لأيام وعلى القيام ولو بركعات من وقت لآخر؟ تعالوا نتوب إلى الله تعالى ونندم على ما فرّطنا في جنب الله، تعالوا نخلص النية لله تعالى حتى لا تكون العبادة عادة، فمن صام رمضان إيماناً بالله واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه، وكذلك من قامه، هو ليس شهرا للامتناع عن الطعام والشراب فقط، وإن لم نفهم مقاصده فلن ننالَ إلا الجوع والعطش كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ".

واحذر من إضاعة الأوقات الثمينة، بقضاء الساعات الطوال خلف الجوال والكمبيوتر والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية التي أعدت الكثير من الأفلام والمسلسلات والبرامج لإلهاء الناس وإضاعة أوقاتهم الثمينة وصرفهم عن العبادة وتلاوة القرآن.

وهو ليس شهر الطعام والشراب، فبعض الناس ينفقون في هذا الشهر ما ينفقونه في عدة أشهر، في حين يجتاح الحُزن قلوب آخرين في ظل هذا الوضع الاقتصادي الصعب من قلة المال والأعمال والرواتب، لذلك على من يسّر الله تعالى عليه أن يتفقد الفقراء والمساكين من أرحامه وجيرانه، فهو شهر المواساة والجود والكرم، فقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أجود من الريح المرسلة، وكان أجود ما يكون في رمضان.

ولنكن في هذا الشهر مختلفين عن سائر العام، ولنبتهل إلى الله تعالى بالدعاء: "اللهمّ بلغنا رمضان، اللهمَّ سلّمنا إلى رمضان، وسلّم رمضان لنا، وتسلمه منا متقبلاً".