فلسطين أون لاين

تقرير محاكمة النشطاء.. السلطة تضرب عُرْض الحائط بمرسوم الحريات

...
غزة-رام الله/ فاطمة يوسف:

رغم التوافقات الفصائلية الأخيرة بالقاهرة، وإصدار رئيس السلطة محمود عباس مرسومًا للحريات علَّق عليه المواطنون بالضفة الغربية آمالًا بأن يُغلق ملف الاعتقال السياسي والملاحقة على أساس حريات الرأي والتعبير، يبدو أن السلطة لم تُغلق تلك الملفات قضائيًّا، وما زالت تلاحق من لفقت لهم تلك القضايا، "فلسطين" ترصد الأمر بالتقرير التالي:

عقدت محاكم السلطة في الضفة أول من أمس محاكمات لأربعة معتقلين سياسيين سابقين هم: زكريا خويلد، وصديق عودة، وأنس الحواري أمام محكمة صلح طولكرم، وعيسى عمرو أمام محكمة صلح الخليل.

غياب الحريات

وأعرب المحامي ظافر صعايدة من تجمُّع "محامون من أجل العدالة" عن أسفه لاستمرار المحاكمات للناشطين بالضفة على خلفية الاعتقال السياسي أو حرية الرأي والتعبير، مؤكدًا أن "استمرارها بهذا الكم والحجم يعكس عدم وجود تطبيق جدِّي لمرسوم الحريات".

وقال صعايدة لصحيفة "فلسطين": "هذه المحاكمات نتيجة طبيعية للاعتقالات، لكن لو كان هناك جدِّية لإنهاء الاعتقال السياسي، فإن بإمكان النيابة حفظ الملفات وعدم تحويلها للمحكمة كما حدث مع الزميل المحامي عوني الشريف الذي أخبروه بنيتهم تحويل ملفه إلى المحكمة بعد إصدار المرسوم، وهو بالأساس مُلاحَق بعد منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي".

وأضاف: "وهناك نشطاء ونقابيون لديهم محاكمات على خلفية حرية الرأي والتعبير وجزء منهم مرشحون للانتخابات التشريعية المقبلة"، مشيرًا إلى أنه رغم انخفاض عدد الاعتقالات السياسية فإنه يوجد بعض الانتهاكات، كما حدث مؤخرًا من استهداف الناشط صامد صنوبر واحتجازه ساعات في مقر الأمن الوقائي في أثناء عودته من السفر.

وأشار إلى أن صنوبر خضع للتحقيق على خلفية ترشُّحه للانتخابات المقبلة، الأمر الذي يخالف القانون لمحاولة التأثير على سير العملية الديمقراطية، لافتًا إلى تعنُّت السلطة، باعتبار أن المحاكمات على خلفيات جنائية أمر غير صحيح، فالملفات ثبت أنها سياسية مئة بالمئة.

وعدَّ صعايدة أن استمرار هذه المحاكمات يعني أن ملف الاعتقال السياسي ما زال مفتوحًا وهي مدانة ويجب وقفها فورًا، مؤكدًا أن وقف الاعتقالات لا يعني أنها مبادرة جيدة، بل هو عودة لالتزام القانون الأساسي الذي يجرِّمها أساسًا قبل مرسوم الحريات.

وفي 22 فبرير/شباط الماضي، أصدر رئيس السلطة محمود عباس مرسومًا رئاسيًّا بشأن تعزيز الحريات العامة، وذلك استعدادًا للانتخابات التشريعية التي ستُجرى في الثاني والعشرين من مارس/آذار المقبل، والتي ستعقبها انتخابات رئاسية في 31 يوليو/تموز المقبل.

ونصَّ المرسوم على "تعزيز مناخات الحريات العامة في أراضي دولة فلسطين كافة، بما فيها حرية العمل السياسي والوطني، وفقًا لأحكام القانون الأساسي والقوانين ذات العلاقة"، كما أكد "حظر الملاحقة والاحتجاز والتوقيف والاعتقال وكل أنواع المساءلة خارج أحكام القانون، لأسباب تتعلق بحرية الرأي والانتماء السياسي".

مخالف للتوافق

من جانبه، رأى النائب في المجلس التشريعي عبد الرحمن زيدان أن استمرار المحاكمات أمر مخالف لما اتُّفق عليه فصائليًّا في القاهرة بشأن طي هذا الملف بإصدار مرسوم الحريات.

وقال زيدان لصحيفة "فلسطين": إن "المحاكمات الأخيرة هي استمرار للحالة الأمنية السابقة ولمسلسل الاعتقال السياسي، ما يستدعي تحرُّك الأطراف التي تفاهمت في القاهرة".

وأضاف: "كما أن هناك معتقلين سياسيين ما زالوا في السجون، وهو أمر يناقض تهيئة الظروف للانتخابات، فمرسوم الحريات لن يسمن ويغني من جوع ما لم يُطبَّق فعليًّا هو والقانون الأساسي من قبله".

وأشار إلى أن الناس بالضفة يريدون تطبيق على الأرض وليس كلامًا ومراسيم من خلال ممارسات لفترة كافية تُثبِت مصداقية من أصدر المرسوم، علمًا أنه هو من صادر الحريات في السابق.

وشدد زيدان على أن "عدم تطبيق المرسوم يلقي بظلال سلبية على الانتخابات، فحتى يقتنع المواطن بممارسة حقه الانتخابي يجب أن يوقن أنه لن يعاقَب على اختياراته السياسية وتعبيره عن رأيه، وإلا تُصبح الانتخابات "مسألة عبثية".