فلسطين أون لاين

محكمة الانتخابات تستبعد الأسير "سلامة" وسط استهجان وطني

...
حسن سلامة (أرشيف)
غزة/ نور الدين صالح:

استبعدت هيئة محكمة الانتخابات بغزة أمس، الأسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي حسن سلامة من قائمة "القدس موعدنا" الانتخابية التابعة لحركة المقاومة الإسلامية حماس، لكونه "غير مسجل في سجل الناخبين النهائي"، وسط استهجان وطني لقرار الهيئة، لِما أظهره من تخلٍّ عن قضية الأسرى الوطنية، وعدم إيجاد آليات تناسب أوضاعهم وظروفهم.

وعقد رئيس الهيئة المستشار فايز حماد جلسة خاصة بالطعن الثاني الذي يحمل رقم 2021/5، والمتعلق برفض لجنة الانتخابات اعتراض حركة حماس على قرار اللجنة القاضي برفْض ترشُّح الأسير سلامة ضمن قائمتها الانتخابية.

وحضر فريق الدفاع المكلف بإسناد مجموعة من محامي اللجنة القانونية، وبعد استماع هيئة المحكمة لمرافعة وكلاء الأطراف والمداولة قانونًا، قررت المحكمة قبول الطعن شكلًا ورده موضوعًا.

ويطالب الأسير سلامة لجنة الانتخابات بمعاملته استثنائيًّا أسوةً بمواطني مدينة القدس المحتلة، الذين استُثنوا من التسجيل في السجل النهائي.

والأسير سلامة من سكان مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، واعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي في الخليل بالضفة الغربية المحتلة عام 1996، وحكم عليه بالسجن 48 مؤبدًا و30 عامًا، أمضى منها 13 عامًا في العزل الانفرادي، اتهم بالانتماء لحركة حماس ولجناحها العسكري كتائب القسام، وقيادته عمليات الثأر المقدس للشهيد يحيى عياش، التي أدَّت إلى وقوع عشرات القتلى الإسرائيليين.

قضايا وطنية

بدورها، استهجنت حركة حماس "إصرار لجنة الانتخابات المركزية على موقفها الرافض ترشُّح الأسير سلامة"، قائلة: "تلقينا بأسف بالغ قرار اللجنة بحجة أنه غير مسجل في سجل الناخبين، علمًا بأنه معتقل لدى الاحتلال منذ ربع قرن من الزمان".

وأضافت الحركة في بيان لها وصلت إلى صحيفة "فلسطين" نسخة عنه "لقد شرحنا الظروف والملابسات كافة للجنة الانتخابات، وأجرينا اتصالات مكثَّفة مع رئاستها وإدارتها لتوضيح خطر شطب اسم أسير فلسطيني بطل سطَّر أعظم التضحيات، ونبهنا إلى خطر تسجيل لجنة الانتخابات -كمؤسسة وطنية نعتز بها- على نفسها هذا الفعل الذي لا مبرر له".

وتابعت "التزامًا بالقانون، توجَّهنا إلى محكمة قضايا الانتخابات وقدَّم عدد من المحامين الأكفاء الذين نشكر لهم وقفتهم طعنًا رسميًّا ضد قرار لجنة الانتخابات المركزية، إذ نظرت المحكمة في الطعن السبت، وقرَّرت تأجيل الحكم إلى صباح الأحد باعتبارها قضية وطنية تحتاج إلى المزيد من البحث، لكننا فوجئنا الإثنين بقرار المحكمة رفْض الطعن وتأييد قرار لجنة الانتخابات".

وأكدت أنه "كان من الواجب على لجنة الانتخابات المركزية اتخاذ ما يلزم من قرارات وآليات تحفظ لجميع الأسرى حقوقهم السياسية، وتحافظ على قضيتهم الوطنية ورمزيتها، وذلك باستثناء الأسرى من بعض الشروط البسيطة تقديرًا لظروفهم الخاصة التي لا تسمح لهم أو لبعضهم القيام بكل الإجراءات، خاصة أصحاب المحكوميات العالية ممن يفرض عليهم الاحتلال قيودًا إضافية".

وأشارت إلى أنه كان "بإمكانها البحث عن مخارج كما فعلت في قضايا أخرى، وبالرغم من احترامنا محكمةَ قضايا الانتخابات وقضاتها فإننا لا نتفهم عدم تقديرها هذه القضية الوطنية وإهمال خصوصيتها الوطنية وانعكاس ذلك على قضية الأسرى".

ودعت الحركة القوى السياسية والمجتمعية كافة إلى إعلان تضامنها مع حق الأسير سلامة في الترشُّح، والمحافظة على حقوق جميع الأسرى السياسية مع ما يلزم ذلك من إجراءات خاصة.

وندد النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي د.أحمد بحر بقرار لجنة الانتخابات المركزية رفْض ترشيح الأسير سلامة وإزالة اسمه من قائمة "القدس موعدنا"، عادًّا القرار "ينم عن تنكُّرٍ لتضحيات الأسرى".

وقال بحر في تصريح صحفي أمس: "كنا نأمل من لجنة الانتخابات المركزية احترام تضحيات أسرانا الأبطال، وكان الواجب عليها اتخاذ قرارات وتوجهات تراعي ظروفهم وتحفظ لهم حقوقهم سواء على صعيد الترشح أو الانتخاب، علمًا أن الاحتلال يمنعهم ممارسة حقهم في التسجيل للانتخابات".

ودعا لجنة الانتخابات المركزية ومحكمة الانتخابات إلى إيجاد سُبل وآليات تتماشى مع ظروف الأسرى الذين ضحوا من أجل وطنهم، مستهجنًا قرار استبعاده.

وطالب بحر الكل الفلسطيني بمناصرة الأسير الفلسطيني وخاصة حسن سلامة وحقه في الترشُّح للانتخابات العامة القادمة، مهيبًا بكل جهات الاختصاص لدعم موقف الأسرى خاصة أن الاحتلال يصادر الكثير من حقوقهم ولا يتمكنون غالبًا من التسجيل في سجل الناخبين في أثناء المدة المقررة لذلك.

مرفوض وطنيًّا وأخلاقيًّا

وشددت حركة الأحرار الفلسطينية على أن قرار محكمة الانتخابات برفْض طلب الأسير سلامة الترشُّح للانتخابات التشريعية على قائمة "القدس موعدنا" "مرفوض وطنيًّا وشعبيًّا وأخلاقيًّا"، عادّةً إياه "إساءة بالغة لشعبنا ونضال أسرانا الذين قدَّموا زهرات شبابهم وأعمارهم في سبيل تثبيت حقوقنًا السياسية والوطنية".

وقالت الحركة في بيان لها إنه "كان الأولى لمحكمة الانتخابات اتخاذ قرار جريء باعتماد طلب ترشُّح الأسير سلامة للانتخابات التشريعية كما هو، لتأكيد رمزية أسرانا وحقهم بالمشاركة في الانتخابات، لأن رفْض مشاركته لا يخدم قضيتنا ونضال شعبنا، بل يخدم الاحتلال وأهدافه الساعية لتجريم أسرانا وتشويه صورتهم"، مشيرة إلى أنه لا يزال هناك متسع للتراجع عن هذه "السقطة الوطنية الخطِرة".

واستهجن مسؤول ملف الأسرى في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، علام الكعبي، قرار إسقاط الأسير سلامة من قائمة الانتخابات، خاصة أنه أحد مناضلي الشعب الفلسطيني الذين قدموا كل غالٍ لنصرة الشعب وقضيته.

وأكد الكعبي في حديث لـ"فلسطين" ضرورة عدم تطبيق أي شروط أو معايير على الأسرى، واستثنائهم من ذلك، وعدم مقارنتهم مع مَن هم خارج السجن، قائلًا: "ليس من المنطق أن يصبح الأسرى خارج دائرة التمثيل النسبي في مؤسسات مثل المجلس التشريعي، احترامًا لتضحياتهم".

ووصف القرار بأنه "غاية في الخطر"، مطالبًا محكمة الانتخابات بإعادة النظر فورًا في القرار، مضيفًا أن "وجود الأسرى في قوائم الانتخابيات يُعبِّر عن مدى احترام الشعب الفلسطيني والفصائل لهم، فهم الذين يمنحون الشرعية للفصائل والشعب".

وتابع "يجب على المحكمة إعادة النظر في القرار والتكفير عن الخطيئة السياسية التي ارتكبتها بحق المناضل سلامة، فهو ممثل لكل القوائم وليس فقط لحركة حماس"، مشددًا على أن "الأسير سلامة ترك بصمة بنضاله فرضت على الاحتلال التزام إقامة السلطة ومؤسساتها، وهو ما يتطلب الوفاء له".

وتساءل الكعبي: "بأي منطق تُطبَّق القوانين على أسير مُحاصر بإجراءات الاحتلال في السجون؟"، مؤكدًا أهمية أن يكون لكل قانون استثناء.

وعدَّ مسؤول ملف الأسرى في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين إبراهيم منصور، إسقاط اسم الأسير سلامة من قائمة "القدس موعدنا" "جريمة كبرى"، مؤكدًا رفض ذريعة المحكمة بأنه غير مسجل في سجل الناخبين.

وقال منصور في حديث لـ"فلسطين": إن الأسير سلامة يحمل قيمة ورمزية كبيرة، ويجب أن يكون ضمن القائمة الانتخابية تقديرًا لتضحياته، داعيًا إلى أن يكون للأسرى وضع استثنائي انتخابًا وترشيحًا نظرًا لظروفهم داخل السجون.

وطالب المؤسسات والهيئات واللجان الفلسطينية بالتعامل مع قضية الأسرى استثنائيًّا، وعدم تطبيق الشروط القانونية عليهم كمن هم خارج السجون، مشددًا على أهمية وجود الأسرى في القوائم الانتخابية تقديرًا لتضحياتهم ونضالهم من أجل الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.