على الرغم من الأجواء الإيجابية على الساحة الفلسطينية تمهيدًا لإجراء الانتخابات التشريعية في شهر مايو القادم، إلا أن إجراءات السلطة التعسفية ما زالت قائمة حتى الآن.
وتمثلت تلك الإجراءات التعسفية والعقابية بتقليص نسب رواتب موظفيها في القطاع، وإحالة عدد كبير منهم على التقاعد القسري، وعدم التوصل لحل ملف تفريغات 2005، وهو ما دفعهم لتنفيذ خطوات احتجاجية مختلفة انتهاء بخوض الإضراب المفتوح عن الطعام.
خليل الفقعاوي (49 عاما) أحد موظفي السلطة المُحالين على التقاعد القسري، يعاني حالة إعياء شديد وتردٍّ في وضعه الصحي نتيجة إضرابه المفتوح عن الطعام الذي دخل يومه الخامس عشر، في خيمة اعتصام الموظفين في ساحة السرايا وسط مدينة غزة.
ويروي الفقعاوي لمراسل صحيفة "فلسطين"، من داخل خيمة الاعتصام، وعلامات التعب بدت واضحة على ملامحه، أنه نُقل إلى المستشفى ثلاث مرَّات خلال إضرابه عن الطعام، نتيجة تردي حالته الصحية لكن دون أي استجابة لمطالبه حتى الآن.
ويوضح الأب الذي يعيل عائلة مكونة من 12 فردًا، أنه تم إحالته على التقاعد القسري عام 2018، ما أدى إلى تردي أوضاع عائلته المعيشية والاقتصادية، مناشدًا رئيس السلطة محمود عباس إنصاف كل الموظفين واستعادة حقوقهم وإعادتهم لعملهم، "حتى لا يكونوا متسولين"، على حد تعبيره.
وكانت السلطة أحالت قرابة 22 ألف موظف على التقاعد القسري منذ عام 2017.
وهكذا بدا الحال لدى إيهاب الفالح الموظف في مؤسسة البحر التابعة للسلطة، وجرى إنشاؤها بقرار رئاسي عام 1997، وهي اللبنة الأولى لوزارات السلطة، ونفذت مهمات عدَّة في مجالات مختلفة، وفق قوله.
وأفاد الفالح في حديثه لـ"فلسطين" بأن السلطة قطعت رواتب 113 موظفًا من المؤسسة منذ تاريخ 1/1/2008، ولم يتقاضوا أي رواتب حتى الآن، الأمر الذي فاقم ظروفهم الاقتصادية صعوبة أكثر.
وأشار إلى أن موظفي مؤسسة البحر راسلوا جهات مختلفة وعليا في السلطة، لكن دون أي حلول، إذ جرى إعطاؤهم وعودًا "واهية لا أساس لها من الصحة"، حسب تعبيره.
واضطر الفالح الذي يُعيل أسرة مكونة من 5 أفراد، للبدء في إضراب مفتوح منذ 6 أيام، للمطالبة باستعادة حقوهم، وتطبيق قرار الرئيس عباس الصادر في 25/11/2005 القاضي بتثبيتهم على ديوان الموظفين بعد شهرين من تاريخه "ولم يُنفذ حتى الآن".
وأوضح أن البند رقم (19) في قرار إنشاء المؤسسة، نص أنه لا يجوز إلغاء أو تصفية المؤسسة إلا بقرار رئاسي يُحدد به المواعيد، "ولكن لم يصدر قرار بإغلاق المؤسسة".
ولفت الفالح إلى أنه دخل في مرحلة الإعياء ويُعاني أوضاعًا صحية صعبة نتيجة الإضراب المتواصل عن الطعام، مشددًا "لن أتوقف عن الإضراب حتى استعادة حقوقي وزملائي".
تهرب للأمام
وأكد الناطق باسم موظفي السلطة "تفريغات 2005" رامي أبو كرش، أن قيادة السلطة ما زالت تهرب إلى الأمام وتُدير الظهر وتهمش المطالب الحقوقية والقانونية التي جرى البدء في الإضراب عن الطعام من أجل تحقيقها.
وقال أبو كرش لصحيفة "فلسطين": إن إضراب الموظفين بأمعائهم الخاوية، "أثبت أن كل وعود قيادات السلطة على لوح من ثلج ولا قيمة لها أمام استمرار الحكومة بإدارة الظهر ووضع حجج واهية للتهرب من مسؤولياتها لتحقيق هذه المطالب".
ووجه رسالة لرئيس السلطة قائلًا: "إن ملف تفريغات 2005 لا يُكلف ماليًّا الحكومة على الموازنة العامة سوى 12 مليون دولار سنويًّا، لذلك فإن التذرع بالأزمة المالية غير مبرر".
وأضاف أبو كرش: "يبدو أنه لا يوجد هناك نوايا عليا صادقة فعليًّا للتوجه بإنهاء هذا الموضوع بشكل واضح"، محملًا قيادة السلطة المسؤولية الكاملة عن حياة المضربين عن الطعام بسبب إدارة الظهر للمطالب القانونية.
وختم أن إضراب الموظفين مستمر حتى تحقيق مطالبهم.