فلسطين أون لاين

رزان وياسر وأحمد وموسى.. شهداء العودة "الأحياء"

...
رزان النجار
غزة- نبيل سنونو:

حملوا الأمل في قلوبهم، وامتدت أبصارهم إلى أراضيهم المحتلة سنة 1948، وهم يشاركون سلميًّا في مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية، لكنّ قناصي الاحتلال استهدفوهم بأسلحتهم الفتاكة، وارتقوا شهداء، ليصبحوا شهودًا بدمائهم على الجريمة الممتدة منذ نحو 73 سنة.

رزان النجار اسم سطع في سماء المسيرة، ولن ينساها أي فلسطيني، وهي ابنة الـ21 عامًا التي كانت تسعف المشاركين في المسيرة التي انطلقت في 30 أيار (مايو) 2018.

في الأول من حزيران (يونيو) 2018 تناثر الحزن في أرجاء قطاع غزة، بعدما استهدف قناص في جيش الاحتلال رزان، في أثناء عملها الإنساني، وفاضت روحها إلى بارئها.

وبعد عام على استشهادها أطلق أهالي حي النجاجرة الذي تقيم فيه عائلة رزان اسم "حي رزان" على حيهم، تعبيرًا عن فخرهم بها رمزًا بطوليًّا.

ورزان ليست المسعفة الوحيدة التي استهدفها الاحتلال، فالمسعف موسى أبو حسنين أيضًا إحدى أيقونات المسيرة، إذ استشهد برصاص الاحتلال شرق مدينة غزة في 14 أيار (مايو) 2018.

أما ياسر مرتجى فأصيب وسط ساحة لا يكاد ينجو فيها إنسان من انهمار قنابل الغاز والرصاص الحي، قرب السياج الفاصل الشديد التحصين عسكريًّا شرق خان يونس، عندما كان يوثق بالكاميرا أحداث يوم مشهود احتشدت فيه حناجر الفلسطينيين لتقول بصوت عالٍ: "آن أوان العودة".

والمواطنون العزل كانوا ينفذون فعاليات ضمن المسيرة، للمطالبة بتطبيق القرار (194) الذي ينص على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم المحتلة، لكن الاحتلال الذي اعتاد مواجهة الشعب الفلسطيني بالأسلحة والعنف يرفض ذلك.

مرتجى كان يرتدي خوذة وسترة الصحفيين التي عليها شارة "Press" (صحافة) بوضوح لا لبس فيه، لكن قناصة جيش الاحتلال تعمدوا استهدافه وقتله، على بُعد 150 مترًا تقريبًا من السياج الفاصل، وفقًا لما ذكره الصحفي أشرف أبو عمرة لصحيفة "فلسطين" آنذاك.

تهتك شديد في المعدة، والقولون المستعرض، وتهتك في المرارة، والفص الأيمن للكبد، والقولون الصاعد، وانفصال الحالب إلى نصفين، وتهتك في العضلات في الجدار الخلفي للبطن، وفي عظم الحوض في الجهة اليمنى؛ هذا ما اكتشفه الأطباء في جسد الشاب الثلاثيني الذي ارتقى شهيدًا.

كان مرتجى أول شهيد صحفي في مسيرة العودة السلمية، لكنه لم يكن الأخير، أحمد أبو حسين أيضًا هو شهيد صحفي ارتقى في 25 نيسان (أبريل) 2018، بعد أن أصيب في الـ13 من الشهر نفسه.

وتحوّلت المنطقة التي يقع فيها السياج الاحتلالي الفاصل شرق غزة إلى رمز لثورة اللاجئين الفلسطينيين المطالبين بالعودة إلى مدنهم وقراهم، التي هجرتهم منها العصابات الصهيونية سنة 1948، وأقيمت خيام العودة على بعد مئات الأمتار من ذلك السياج، وهناك ألقى قادة فلسطينيون كلمات حماسية، وأنشد الفنانون لفلسطين والعودة، وأظهر الأطفال والكبار مهاراتهم وقدراتهم في الشعر وغيره.

مبتور ركّع (إسرائيل)

"بوصل رسالة لجيش الاحتلال الصهيوني هذه الأرض أرضنا، ومش حنستسلم، أمريكا لازم تنسحب من القرار اللي عملته" هذا ما قاله العشريني إبراهيم أبو ثريا بعدما نزل عن كرسيه المتحرك، على مقربة من السياج الفاصل شرق غزة.

وألهب قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في السادس من كانون الأول (ديسمبر) 2017، اعتراف بلاده بالقدس المحتلة "عاصمة" للكيان الإسرائيلي، مشاعر الشاب أبو ثريا، الذي قال في مقابلة صحفية أجريت معه سابقًا: "إن الشعب الفلسطيني شعب الجبارين".

الرجل الذي يعود بتر قدميه إلى استهداف إسرائيلي سنة 2008، رغم عدم قدرته على الوقوف، طلب تعليق علم فلسطين بنفسه في المنطقة المذكورة، لكنّ قناصًا في جيش الاحتلال استهدفه وأسقطه عن كرسيه المتحرك، قبل أن يستشهد.

وبلغ إجمالي عدد الشهداء 316 شهيدًا، في حين بلغ إجمالي عدد الجرحى 35 ألفًا و703 جرحى، منذ انطلاق المسيرة حتى 23 تشرين الآخر (نوفمبر) 2019 وفقًا لبيانات وزارة الصحة في غزة.

ارتقى هؤلاء الشهداء، ومنهم ياسر ورزان وموسى وأحمد وإبراهيم، لكنّهم ظلوا أحياء بسيرتهم ونضالهم، الذي يؤكد الفلسطينيون استمراره حتى العودة.