فلسطين أون لاين

عوامل القوة ليست في صالح اليهودية السياسية المسماة (إسرائيل)

إن تطلعات اليهودية السياسية هي أن يكون مجال سيطرتها الحيوي هو الوصول إلى باكستان المسلمة، فهي تتخذ موقفًا حازمًا وقلقًا كبيرًا من وصول باكستان إلى مصاف الدول النووية، وما يزيدها قلقًا هو وصول إيران المنافسة إلى مصاف تلك الدول النووية، وتكون مهددة لأمنها، وتسيطر على مجالها الحيوي في العمق العربي الذي تتطلع أن يكون تحت سيطرتها هي بالكامل.

لذا يتطلع الكيان الصهيوني (اليهودية السياسية في مقدمتها حزب الليكود الذي يتزعمه النتن ياهو) أن تكون (إسرائيل) وتبقى القوة الأقوى في المنطقة كضابط توازن واستقرار لصالحها، هذه التطلعات اليهودية السياسية غير منطقية من حيث إنها لم تأخذ بالحسبان أنها لا يمكن أن تستطيع الحصول على القوة الأكبر مقابل أكثر من مليار نسمة مسلمة، بعددها الذي لا يتجاوز 8-9 ملايين نسمة، عد أنه على الرغم من الدعم لكيانها المصطنع لا يمكن أن يجمع المجتمع الدولي أن تتفوق عليه وتكون هي السيد الأول والآخرون عبيدًا لها.

إن القوة العسكرية التي اعتمدت عليها اليهودية السياسية وعلوها جعلاها تستكبر وتعتقد أنها لا يمكن أن تتراجع، اصطدمت بواقع خلاف ما تخيلته. ولأن زعماء اليهودية السياسية في مقدمتهم ليكود النتن ياهو لم يدركوا ولم يحسبوا (بعلوِّهم) أن عوامل القوة ليست بالقوة العسكرية الآنية، إن عوامل القوة في الطرف الآخر الإسلامي والعروبي الوطني كامنة، ولكنها تتحرك بين الفنية والأُخرى، ولا بد يومًا أن تنهض وتتحرك بإذنه تعالى بهمة أحرار الأمة ورأس رمحها المقاومة المجاهدة في فلسطين وعمقها العروبي والإسلامي.

عوامل القوة الكامنة المتحركة ظهرت في نجاح الأردنيين والفلسطينيين في معركة الكرامة المجيدة، الذي كان في وحدة وشجاعة الجيش العربي الأردني مع الفدائيين الفلسطينيين عامل قوة صد وهزيمة للعدو الصهيوني وإفشال خطته، وكانت الانتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية عامل قوة إفشال مخطط الاعتراف الشعبي الفلسطيني ومقاومته بحق الكيان الصهيوني بالوجود والاحتلال، وإن المقاومة اللبنانية الشجاعة في جنوب لبنان استطاعت أن تنتصر وتجبر الآلة العسكرية اليهودية السياسية على الانسحاب، وقهرت قوة الآلة العسكرية للكيان المسمى (إسرائيل)، وما زالت عوامل القوة العسكرية التي اعتمدت عليها اليهودية السياسية غير قادرة، بل تتراجع أمام عوامل القوة التي تملكها المقاومة الإسلامية القومية الوطنية في فلسطين، وقاعدة مقاومة مسلحة وشعبية في غزة العزة ميزان ردع، وحراك شعبي بدفقات يتخللها بعض من اشتباك فدائي هنا وهناك يربك أمن (إسرائيل)، وفي داخل فلسطين المحتلة عام 1948 حراكات شعبية تتصاعد بين الحين والآخر، إن هذه النجاحات المتواضعة في صد العدو الصهيوني ومواجهة آلته العسكرية ومشاريعه، تعتبر أن ميزان القوى لن يستمر في قوته لصالح اليهودية السياسية المسماة (إسرائيل)، فكيف وهذا وارد ويتوجه نحو أن يكون حقيقة إذا استخدم المسلمون والعروبيون عناصر قوتهم دفعة واحدة؟ فلن تكون قوة (إسرائيل) قادرة على توفير السلام والأمن لكيانها في المنطقة.

إن كيان اليهودية السياسية بقي يظن أنه الأعلم بما يجب أن يفعل العالم، الغربي خصوصًا، لمصلحته، وحتى هو الأعلم والأدرى بما يجب أن تفعله الولايات المتحدة الأمريكية لمصلحتها أكثر منها، وكيفية إقامة علاقات للمستقبل بتطبيع وإذعان الأنظمة العربية لها وللغرب الاستعماري، ولكنهم لم يتخيلوا أن تحصل تغيرات قد تكون حتى في الولايات المتحدة، وهذا ما تؤشر إليه الحالة الداخلية في الولايات المتحدة الأمريكية، وما يحصل من تغيرات في ميزان القوى الدولي والتغيرات الإقليمية المتصاعدة خصوصًا في العمق الإسلامي، قوى اقتصادية وعسكرية وتحالفات ليست في صالح القوة "الإسراميكية" الغربية.

تهيأ للكيان اليهودي السياسي المسمى (إسرائيل) أن النتائج السيئة لما لحق بالعرب من غزو العراق في بداية التسعينيات هي عامل دفع لقوة الكيان وإعطاؤه دورًا أكبر في القرار السياسي في المنطقة، إلا أنها لم تستطع المشاركة مباشرةً وبثقل في الغزو، بل تولَّت الولايات المتحدة مباشرةً التعامل مع الوضع العربي وفتحت خطوطها مباشرة مع منظمة التحرير الفلسطينية بعدِّها شريكًا رئيسًا في فرض حلول تسوية، فكان مؤتمر مدريد، وجر النظام العربي للإذعان والتوجه إلى إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، واستكمال معاهدة كامب ديفيد، وتوقيع اتفاقية أوسلو الدنيئة، وهرولة النظام الرسمي نحو التفريط، إلا أن هذا الخلل في ميزان القوى والردع لصالح خطة الولايات المتحدة وعامل القوة لصالحها لم يستمر.

إن التغيرات في الميزان الدولي بعد الغزو الأمريكي الغربي وحلفائه للعراق، لم تأخذ طويلا لصالح "الإسراميكي" الغربي، وتكون الولايات المتحدة القطب القوي الأوحد، بل تخلخل الميزان الدولي وصعدت دول إقليمية إسلامية، فها هي باكستان تصعد وتناكف، وإيران قاب قوسين أو أدنى أن تكون دولة نووية، وتركيا تتصاعد وتقوى، وفي حالة شد ورخي تتفلت من حلف الناتو برشد سياسي مدروس بدقة غير متهور قد يكون مستفيدا من القانون الدولي وفهمًا للنظام الدولي، وكيفية ممارسة العلاقات الدولية، أما على ساحة المقاومة الجهادية على أرض فلسطين فهي قوة أفضل بالرغم من كل التحديات، فطرح مشاريع التسوية ومحاولات الولايات المتحدة تبوء بالفشل، تفشل في فرض سياسة العصا والجزرة، لم تفلح في فرض سياستها، لا في فرض سراب حل الدولتين وعلى المقاس "الإسراميكي"، وفرض صفقة القرن، والآن سياسة اليد الناعمة بعد محاولات إدارة ترامب المتهالكة، يحاولون جر المقاومة الإسلامية والقومية الفلسطينية الرافضة للحلول الاستسلامية من خلال ما يسمونه الشرعية، والديمقراطية للتمثيل الشعبي تحت سقف الحل التفاوضي والعودة إلى طاولة مفاوضات تكون شعاراتها لا تتجاوز شعار حل سراب الدولتين بسبب تصاعد وصمود القوة الذاتية، التي تكسب أسباب قوة من العمق الإسلامي والعروبي غير المذعن للإملاءات ويناكف "الإسراميكي".

فالمطلوب من إخوتنا في التيار الإسلامي المقاوم في فلسطين تصعيد الأعداد وتصعيد الخطاب الإسلامي المقاوم، وكذلك الإخوة والرفاق القوميين العروبيين المقاومين على أرض فلسطين أن يصعدوا من تحالفهم مع إخوتهم الجهاديين المقاومين على أرض فلسطين، وألّا يقبلوا بأي حال من الأحوال التفريط بالحق العروبي في فلسطين من بحرها إلى نهرها، مطلوب من خط المقاومة والجهاد في فلسطين أن يُمتّن من القوة بالاعتصام والوحدة، قوة لهم يُرهبون بها عدو الله وعدوهم، ميزان القوة يتجه لصالحهم، صالح تحرير فلسطين كل فلسطين، يصبروا ويصابروا وما النصر إلا صبر ساعة، اصبروا إن الله مع الصابرين الصادقين المجاهدين الأوفياء للعهد.