فلسطين أون لاين

"اسأل مُجرِّبًا".. لا تتهاونوا في الوقاية من كورونا

...
صورة تعبيرية
غزة- مريم الشوبكي:

لا يزال العالم يعيش تحت وطأة جائحة كورونا التي أدت لوفاة مئات آلاف الأشخاص من فئات عمرية مختلفة، وتلجأ بعض البلدان للإغلاق الشامل بين الفينة والأخرى للتقليل من تفشي الفيروس وحالات الإصابة والوفاة.

وتترك الإصابة بالفيروس آثارها من حيث الحجر الصحي، أو حدوث مضاعفات، أو فقدان الحياة في بعض الحالات.

وأخيرا حذر نائب المدير العام للرعاية الأولية بوزارة الصحة في غزة د. مجدي ضهير من أن هناك زيادة مضطردة في تسجيل إصابات كورونا في القطاع، مضيفًا أن هذه الزيادة المستمرة تؤكد أننا دخلنا مرحلة ثانية من فيروس "كورونا" في القطاع.

عبد الحي الصفدي (62 عاما) من مدينة غزة توفي في السادس من يناير/ كانون الثاني في إثر إصابته بفيروس كورونا، وقد كان شخصا رياضيا لا يعاني أي أمراض مزمنة ولا حتى مشكلات صحية سابقة، وكان يتمتع بصحة جسدية عالية، ويبارز أبناءه في رفع الأثقال.

أصيب أخ عبد الحي بفيروس كورونا، فزاره وهو متبع إجراءات السلامة كافة والتباعد الجسدي، ولم يلبث أخوه إلا أياما حتى توفي، فشارك في تقبل التعازي.

محمد نجل عبد الحي يروي بداية إصابة والده بكورونا: "في اليوم الرابع (بعد وفاة عمي) شعر أبي بإعياء مفاجئ وسعال قوي، وفي اليوم التالي اشتد سعاله فنقلناه إلى مستشفى الشفاء، أجريت له كل الفحوصات، ومنها المسحة التي أظهرت إصابته إيجابية".

ويتابع محمد لصحيفة "فلسطين": "مكث يومين في الشفاء في غرفة العناية المركزة، ثم نقل إلى مستشفى غزة الأوروبي تحت أجهزة التنفس الصناعي، وكانت حالته في البداية مطمئنة، وكان يحدثنا عبر الهاتف المحمول، ثم حدث تدهور مفاجئ في حالته الصحية".

ويردف: "كان لدي أمل أن يغادر المستشفى، وقبل وفاته بثلاثة أيام أظهرت الصور المقطعية وجود التهابات شديدة حول الرئتين وامتنع عن الأكل كليا، ودخل في غيبوبة كاملة".

أمضى عبد الحي 22 يوما في غرفة العناية المركزة حتى توفي. كانت وفاته صدمة لعائلته نظرا لكونه رياضيا يحب المشي والرياضة كثيرا، ويعتني بصحته، وكان ملتزما إجراءات الوقاية.

ويحذر محمد حاليا من حالة التراخي والتهاون من البعض في قطاع غزة، موجها رسالة لكل شخص لديه عزيز يخاف من فقدانه بأخذ الاحتياطات المطلوبة من النظافة الشخصية والتعقيم والتباعد الجسدي وعدم التلامس وعدم التهاون والتراخي، داعيا إلى جعل الكمامة أسلوب حياة حتى بعد انتهاء الفيروس.

أما المسن خليل القطاع الذي توفي في 12 يناير/ كانون الثاني في إثر إصابته بفيروس كورونا، فقد كان شخصا حريصا للغاية، يرفض مصافحة أحد، ويرفض استقبال الناس في بيته، وحينما كان يحادث الآخرين يترك مسافة كبيرة بينه وبينهم، ويرفض زيارة أحد.

قبل ذلك التاريخ بـ20 يوما، كان خليل (70 عاما) من حي التفاح شرقي مدينة غزة، كعادته يمارس رياضة المشي بعد صلاة العصر، فهو يلتزمها يوميا، فجأة فقد توازنه ووقع على الأرض فحمله المارة إلى بيته.

استبعد أبناؤه في البداية إصابته بكورونا لأنه لم يخالط أحدا ويلتزم إجراءات الوقاية ولا يعاني مرض السكري وضغط الدم، فعد نفسه مصابا بإنفلونزا عادية ورفض نقله إلى المستشفى على الرغم من إلحاح زوجته وأبنائه.

عايشت ميسون إصابة أبيها بكورونا منذ الأيام الأولى لاكتشافها، تقول: "في اليوم الثاني أصابه تقيؤ شديد، ولكنه لم يفقد حاستي التذوق والشم، وفي اليوم الثالث ارتفعت درجة حرارته لـ40 درجة مئوية، راجعنا دكتور أمراض القلب، والصور المقطعية أظهرت وجود التهابات شديدة حول الرئتين ولم يشتبه الطبيب بإصابته بكورونا".

عاد والدها إلى البيت، ولكن لم يطرأ تحسن على حالته الصحية، ولم تنخفض درجة حرارته، وأصيب بالاختناق، حينها أحس أبناؤه بالخطر، فنقلوه إلى المستشفى، وأجريت له مسحة أظهرت أنه غير مصاب في اليوم الأول، ولظهور كل الأعراض وضع في غرفة العناية المركزة، وأخذت مسحة أخرى في اليوم التالي وكانت إيجابية.

وتردف ميسون لصحيفة "فلسطين": "من اليوم الأول طلب منا الطبيب الدعاء له بالرحمة، فقد كانت حالته الصحية في تدهور دائم، وكان يتنفس بصعوبة شديدة، وقبل وفاته بخمسة أيام دخل في غيبوبة توفي بعدها".

كان المسن خليل يطبق إجراءات الوقاية بحذافيرها ودائم التعقيم، ويبدل ملابسه بمجرد دخوله البيت، ويجلس في الشمس يوميا.

وتذكر ميسون أن الإصابة بالمرض والوفاة قضاء وقدر، ولكن على الناس أن يأخذوا بالأسباب، حتى لا يتسببوا بنقل المرض لغيرهم وهم لا يشعرون، داعية إياهم للحفاظ على حياة أحبائهم.

وتتابع: "لا يشعر بنار الفقد إلا من يكتوي بها، المرض ما يزال منتشرا، ولا يمكن للإنسان أن يعول على مناعته وصحته الجسدية، أبي وغيره لكم يكونوا يعانون أي مشكلات صحية، وعلى الرغم من ذلك تمكن منهم المرض وتوفوا، وهناك من لا يزال يعاني أعراض ما بعد التعافي، كالشعور بالاختناق وآلام في الصدر كحالي وأمي وبعض إخوتي".

عوامل الإصابة

بدوره يبين استشاري أمراض الصدرية والباطنة د. أحمد الربيعي أن الأعراض الأولية للإصابة بكورونا هزال عام فلا يقوى المصاب على القيام بنشاطاته اليومية، وأرق وقلة نوم، وفقدان حاستي الشم والتذوق، وتوتر نفسي وقلق.

ويوضح الربيعي لصحيفة "فلسطين" أن ضيق التنفس ووجع الصدر والمفاصل والسعال تعتمد على درجة الإصابة.

ويلفت إلى أنه لا تظهر الأعراض ذاتها على كل المصابين، فالبعض تتطور الأعراض لديهم لالتهابات رئوية حادة، تؤدي إلى دخول العناية المركزة.

وعن درجة الإصابة بالمرض يشير الربيعي إلى أنها تعتمد على أكثر من عامل: مناعة الشخص، والأمراض المزمنة التي يعانيها، والحالة النفسية، والعمر.

ويشدد على أن العامل النفسي له دور كبير في تدهور حالة المصاب، فالإصابة بالتوتر والترقب يسرعان في تدهور صحة المصاب.

وينبه إلى أن المصابين الذين يدخلون في حالة حرجة نتيجة الإصابة تشتد الأعراض عليهم كنقص نسبة الأكسجين في الدم، وألياف على الرئتين.

ويحذر الربيعي من التراخي والاستهتار باتباع إجراءات الوقاية حتى للمتعافين من كورونا.

وحتى أمس بلغ الإجمالي التراكمي للمصابين بكورونا في قطاع غزة 62927، وإجمالي الحالات النشطة 5965، والمتعافين 56363، والوفيات 599، وإجمالي الحالات التي تحتاج إلى رعاية طبية في المستشفى 184 حالة، وإجمالي الحالات الخطرة والحرجة 110 حالات، وفق بيانات وزارة الصحة في غزة.