شكَّلت نتائج انتخابات "الكنيست" الإسرائيلي الرابعة صدمة للقائمة العربية المشتركة التي حصلت على نسبة تصويت قليلة مقارنة بالسنوات السابقة، وهو ما ينعكس سلبيًّا على فلسطينيي الداخل الذين يعانون سياسة التمييز العنصري من الاحتلال وسلب حقوقهم.
وأظهرت نتائج الانتخابات أن القائمة المشتركة برئاسة أيمن عودة حصلت على 6 مقاعد، في حين حظيت القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس بـ 4 مقاعد في الكنيست. وتعد هذه النتائج أقل من سابقاتها إذ حصلت "المشتركة" إلى جانب "الموحدة" في الانتخابات السابقة على 15 مقعدًا.
إحباط وخيبة أمل
ورأى الخبير في الشأن الإسرائيلي، نظير مجلي، أن "فلسطينيي الداخل كان لديهم عزوف ضد القيادة السياسية العربية عمومًا، نتيجة انقسامها على ذاتها".
وقال مجلي لصحيفة "فلسطين": إن الجمهور العربي عاقب القيادة السياسية العربية على الانقسام الذي حدث مؤخرًا، حيث إنه لا يريد تكرار تجربة الانقسام السياسي بين قطاع غزة والضفة الغربية، من أجل مواجهة الاحتلال مواجهة موحدة لتحقيق مطالبهم.
وبيّن أن استمرار الانقسام بين القائمة المشتركة يفاقم الحالة السياسية في البلدات العربية، ويزيد من سياسة التمييز العنصري التي تمارسها سلطات الاحتلال ضدهم، وعدم استعادة حقوقهم المسلوبة على مدار السنوات الماضية.
وذكر أن وجود قائمتين منفصلتين في الكنيست يُضعفها في الحوار مع الأحزاب الإسرائيلية القائمة على الكنيست وتحقيق المطالب العربية واستعادة الحقوق، خاصة أن الشارع العربي يُعاني أزمات كبيرة، أبرزها تفشي الجريمة والتمييز العنصري وعدم المساواة في الحقوق.
وقال مجلي: "هذه معركة كبيرة تحتاج إلى جهد كبير، في حين أن الجمهور يتوقع من القيادة السياسية إعادة التنسيق فيما بينها، أو على الأقل التعاون من أجل التقدم في القضايا الجوهرية التي يحتاج إلى حلها، وهي المساواة في الحقوق ومقاومة سياسة التمييز العنصري الإسرائيلي والمساهمة في النضال ضد الاحتلال".
ولفت إلى أن التعاون بين القائمتين "أمر مهم ومُلِح"، أو على الأقل داخل "الكنيست" عبر الإعلان بأنهم كتلة واحدة من حزبين لمواجهة الأحزاب الإسرائيلية القائمة على الكنيست بتحقيق مطالب الجمهور العربي العالقة وتحسين أوضاعه.
وبيَّن مجلي أن الأحزاب العربية تمر في وضع "سيئ"، بعدما دخلت في معارك عدائية خلال فترة الانتخابات، في حين تُخيم الصدمة على قادة القائمة المشتركة، معربًا عن أمله بأن تمر تلك الفترة والذهاب نحو التعاون بينهما لتفادي المرحلة الصعبة.
أسباب التراجع
من جانبه، عزا الكاتب والمحلل السياسي، توفيق محمد، تراجع التصويت للقائمة المشتركة إلى ثلاثة أسباب، الأول: هو انشقاقها على ذاتها؛ ما أدى إلى تشرذمها وتشتيت الأصوات الموجهة لها.
والسبب الثاني وفق ما ذكر محمد لصحيفة "فلسطين": هو تبنّي القائمة المشتركة قضايا اجتماعية "منبوذة" لدى المجتمع الفلسطيني في الداخل المحتل، لكونها تمس بالأخلاق والعادات الفلسطينية، في حين يتمثل السبب الثالث بوجود حملة لمقاطعة الانتخابات الإسرائيلية، التي كان لها أثر كبير في هذا الأمر.
وأوضح أن هذا التوجه لم يحظَ برضى المجتمع الفلسطيني، حيث إنه يضربه في العمود الفقري من وجهة نظرهم، "صحيح أن المجتمع غير مُتدين، لكن نسبة كبيرة منه محافظة وترفض أي أمور تمس بالأخلاق".
وبحسب قوله، فإن هذا الطرح من المشتركة يتحدى أعز ما يملك المجتمع الفلسطيني في الداخل، وهي الثوابت الدينية والوطنية، ويسعى لتفكيك السلوك الأخلاقي، وهو ما أدى إلى تخفيض تمثيلها في الكنيست.
وبيَّن أن القائمة "الموحدة" التي تُمثل الحركة الإسلامية الجنوبية ركَّزت على الجانب الأخلاقي، وهو ما أدى إلى فوزها بغير المتوقع، لكنَّ الفلسطينيين يرفضون السياسة العامة لها التي تتمثل بالتعامل مع حكومات الاحتلال.
ولفت محمد إلى أن القائمة المشتركة لم تكن قائمة على أساس مبدئي أو فكري، إنما على نهج تحقيق المصلحة، لذلك لم تحظَ بتأييد من المجتمع الفلسطيني في الداخل هذه المرّة.