فلسطين أون لاين

تقرير عام على جائحة "كورونا".. عادات وتقاليد غابت وأخرى استُحدثت

...
صورة أرشيفية
قلقيلية/ مصطفى صبري:

مع مرور عام على تفشي جائحة "كورونا"، غابت عن المشهد عادات وتقاليد متجذرة في حياة الشعب الفلسطيني كان لا يمكن تجاوزها، إلا أن الفيروس الشرس فرض على الناس عادات جديدة كان لا يمكن تقبلها.

فبطاقات الأعراس غابت عن المناسبات، وهي لم تغِبْ فقط، بل أصبحت تهمة يعاقب عليها القانون، ووصلت إلى حد منع المحافظين في بعض محافظات الضفة الغربية المحتلة، المطابع من طبعها، وتحذير من يفعل "تحت طائلة المسؤولية".

صاحب مطبعة قلقيلية حسين الشيخ حسن، يقول إنه في مثل هذا الوقت مع بداية الربيع "كنا نسابق الزمن لطباعة بطاقات الأعراس والأفراح لعدد كبير، لكن اليوم ليس هناك طلبات على تلك البطاقات، فالوضع الصحي صعب ومخيف بسبب الوباء، حتى دون قرارات منع الطباعة أصبحت الأعراس غير موجودة، ومحدودة الحضور وتقتصر على دائرة ضيقة من المعارف".

وتشتهر مدينة قلقيلية بدواوين العائلات والعشائر، فعددها يزيد على الأربعين ديوانًا تُفتح في مناسبات الأعراس وبيوت العزاء.

قصي عناية (65 عامًا)، يمتلك ديوانًا قديمًا ورثه عن والده وجده، وله اطلاع واسع على تاريخ دواوين المدينة، يصف بحسرةٍ ما آلت إليه الأوضاع الصحية بقوله: إنه منذ عشرينيات القرن الماضي لم تغلق دواوين قلقيلية، فقد كانت بيتًا لكل زائر، تقام فيها الحفلات وبيوت العزاء، ولم يكن هناك من يتصور أن تغلق.

وخيمت الجائحة بظلال قاتمة على تراث الآباء والأجداد، فمنذ عام يعلو مقاعد الدواوين الغبار، فلا أفراح جماعية تستقبل المهنئين، ولا بيوت عزاء، ففيروس كورونا ألغى دورها وقد كان من المستحيل حدوث ذلك، يقول عناية.

وقد زار الدواوين ملوك كملك الأردن الراحل حسين بن طلال، بحسب عناية، مضيفًا أنه كان لها دور اجتماعي وسياسي ووطني. وأشار إلى أنه في الانتخابات الفلسطينية المقبلة لن يكون لهذه الدواوين أي دور كما كانت في السابق بسبب الجائحة، موضحًا أن المرشحين للانتخابات منذ القدم كان من ضمن برتوكولهم الانتخابي زيارة الدواوين وعرض برامجهم الانتخابية عليها.

وأضاف أنه عوضًا من الدواوين أصبحت جدران مواقع التواصل الاجتماعي البديل في تأدية واجب العزاء أو التهاني، عدا عن أنه لم يعد أحد يعتب على الآخر "في زمن كورونا".

وفي قضية التعليم، غابت الدراسة الوجاهية واستبدلت بها الإلكترونية عن بُعد، وهذا لم يكُن معمولًا به في السابق في أي مرحلة تعليمية.

يقول المربي محمد زيد: "كورونا قلبت الأوضاع رأسًا على عقب، فالتعليم عبر برنامج إلكتروني لا يجدي نفعًا حسب اعتقادي، فهو مضيعة للوقت، ولكن الجائحة أجبرتنا على هذا النمط التعليمي بحكم الضرورة".

أما إمام مسجد محمد الفاتح إبراهيم حمدان، فيقول: "كانت مقولة الصلاة في رحالكم أو بيوتكم لا تستخدم وقت الأذان في السابق، أما اليوم فهي تستخدم على نطاق واسع عبر الأذان الموحد بل أصبحت أساسية مع كل أذان".

وأضاف حمدان أن صلاة الجمعة غابت أيضا عن المساجد، وصارت تصلى في البيوت أو الساحات العامة، متممًا: "كل شيء تغير، وفرض الفيروس علينا نمط حياة دينية جديدة".

وبشأن الوفيات، يقول مغسل الأموات سفيان عكيرش في مستشفى درويش نزال في قلقيلية، إن الميت بفيروس كورونا يتم التعامل معه بطريقة مختلفة من حيث تغسيله وتكفينه والصلاة عليه، في حين الميت في ظروف طبيعية يُتعامل معه عاديًّا، دون أي احتياطات إضافية، متممًا: "الجائحة غيرت ما كنا نعتاده".