ذرية بعضها من بعض، أو قل جيل وراء جيل يتوارث الإباء والنضال، تتوارثه الأجيال، كابرًا عن كابر.
كما هو الحال مع الجبل الأشم عمر البرغوثي، القائد الوطني الكبير والمناضل الذي لم تلِن عزيمته حتى أنفاسه الأخيرة.
القائد عمر البرغوثي هو حكاية شعب، ورواية الأجيال، عرفته الميادين في جبال الضفة وسهولها ووديانها، وعرفته زنازين الاحتلال لعشرات السنوات، حتى إنها صدئت ولم يستسلم لها، بل كسرها في مرات عدة.
رثاء مثل هذه القامات تعجز عنه الكلمات، ويحتاج إلى مداد الكلمات لتحكي عن سنيه الطويلة في النضال والجهاد والمقاومة.
أعد أبو عاصف جيلًا من الرجال، وكما كشف قائد حماس في غزة يحيى السنوار، عن أن البرغوثي أعد وجهز في مراحل كثيرة خلايا القسام في الضفة وقاد العمل بها، ومثّل حاضنة للمقاومين.
البرغوثي جهّز أبناءه عندما تقدم به السن لتنفيذ العمليات الأشهر في الضفة الغربية خلال السنوات الأخيرة، ولعل أشهرها عملية قتل نجله عاصم الجنودَ في رام الله، عند حاجز للاحتلال، ومن ثم داس على رؤوس الجنود، خاصة بعد استشهاد شقيقه صالح الذي شاركه في عملية سابقة، ويمثل عاصم حالة مشابهة لوالده في النضال والأَسْر والمطاردة وقتل الجنود.
أبو عاصف، حالة وطنية خاصة، وهو يمثل الأسير ووالد الشهيد ووالد الأسير وزوج الأسيرة، وشقيق الشهيد نائل عميد الأسرى ورفيق دربه في النضال والأسر.
بكته أمة فلسطين عن بكرة أبيها، وخرج الأحرار في الضفة لتشييعه بالآلاف في رسالة تحدٍّ للاحتلال، بأن ارتقاء أبي عاصف لا يُنهي المسيرة، وأن ما مثّله من نضال وعنفوان مستمر، ويسير على دربه الأحرار.
أبو عاصف الذي خرج قبل أيام من إصابته بالمرض، من سجون الاحتلال والتهديدات التي تلقاها من قادة الاحتلال بأنه سيُعتقل إذا ترشح للانتخابات للمجلس التشريعي، خاصة على قائمة حركة حماس، لكنه رد على ضباط الاحتلال بأنه لن يستسلم لهذه التهديدات، وسيفعل ما يراه مناسبًا لصالح شعبنا الفلسطيني.
التفاعل الشعبي الواسع في فلسطين لوفاته، غاب عنه فئة من أرباب التنسيق الأمني، وغابت عنه الرئاسة وقادة فتح، في حين حضره كل الوطنيين والأحرار، مؤكدين أن مشروع المقاومة الذي يتبناه البرغوثي هو السبيل والطريق.