فلسطين أون لاين

"عمر البرغوثي".. أفنى حياته متنقلًا بين السجون وقدَّم أبناءه فداءً للوطن

...
غزة-رام الله/ نور الدين صالح:

"من أول لحظة حتى آخر لحظة لم أذرف دمعة أمام هؤلاء المجرمين على الرغم من غلاء صالح، كما غلاء الوطن"، هذه الكلمات القوية خرجت من حنجرة المحرر عمر البرغوثي "أبو عاصف" حينما استشهد نجله صالح، لتجسد صلابته وجبروته وعدم خضوعه للاحتلال الإسرائيلي على الرغم من مصابه الجلل.

رحل أبو عاصف (69 عامًا) إلى جوار ربه أمس، متأثراً بإصابته بفيروس "كورونا"، بعد رحلة طويلة من الجهاد والتضحيات، قضى جلها في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

عُرف عن البرغوثي الذي تنحدر أصوله من قرية كوبر شمال غرب رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، أنه "والد الشهداء" وأحد الرموز الوطنية الفلسطينية، فهو شقيق الأسير نائل البرغوثي، ووالد الشهيد صالح، والأسير عاصم، وقد تعرّض وعائلته للاعتقال الإسرائيلي، وهدم منازلهم.

مواقف بطولية

وسجّل "أبو عاصف" خلال حياته مواقف بطولية عدّة بين زنازين التحقيق الإسرائيلية ورفضه قرارات محاكم الاحتلال الظالمة، عدا عن مواجهة جنود الاحتلال على الأرض، في سبيل الدفاع عن وطنه وأرضه.

وبالعودة قليلاً إلى تاريخه فقد اتهمه الاحتلال بتنفيذ عملية، قتل فيها مستوطن إسرائيلي عام 1978م، مع شقيقه نائل (أقدم أسير سياسي في العالم، وأمضى 40 عاما في الأسر ولا يزال)، واعتقل وحكم عليه بالمؤبد، ثم خرج من السجن في المرة الأولى بعد صفقة تبادل للأسرى عام 1985.

وأعاد الاحتلال اعتقال أبو عاصف البرغوثي مرات عديدة بعد الإفراج الأول، وأمضى في السجن قرابة 28 عامًا عاشت فيها عائلته لحظات صعبة.

واجه أحكاما مختلفة بحقه، فقد كان يخرج من السجن ثم يُعاد اعتقاله مرّة أخرى، كما أمضى 13 عاماً في الاعتقال الإداري.

لم يقل إن ما قدمه لفلسطين يكفي، ولم يفكر بالتقاعد أو الاستراحة من المقاومة، وهو الذي انخرط في الانتفاضة الأولى، وساعد الشهيد المهندس يحيى عياش ووفر له المأوى.

في مراكز التحقيق كان يرفع من معنويات الأسرى الجدد، وكان يردد أمامهم شعاره الشهير "المعنوية عالية والمسكوبية واطية" (المسكوبية سجن إسرائيلي في مدينة القدس المحتلة).

لم يكتفِ أبو عاصف بما قدم لفلسطين، بل ربى أبناءه على الجهاد والمقاومة، فابنه عاصم أسير لدى الاحتلال، واستشهد نجله الآخر صالح في 13 ديسمبر 2018 بعد مطاردة لأيام عقب بعد تنفيذه عملية بطولية في "عوفرا" قرب رام الله.

ويتميز أبو عاصف بعلاقته المميزة مع جميع أهالي قرية كوبر، كما يحبه الأسرى من جميع الفصائل الفلسطينية في السجن، لأنه كان يحاول حل مشكلاتهم.

صاحب إرادة صلبة

يقول رفيق درب "أبو عاصف" النائب المقدسي محمد أبو طير: "غابت عن الوطن قامة من قامات فلسطين والأمة، فهو رجل عملاق صاحب إرادة صلبة ولا يُهزم".

ويصف أبو طير خلال حديثه مع "فلسطين"، أبو عاصف بأنه "عنوان الانتصار، فهو لم يعرف الهزيمة لا في زنازين التحقيق وفي السجون ولا في قريته"، كما أنه أفنى عمره لقضيته ووطنه.

وبحسب أبو طير فإن أبو عاصف كان "مثالا للعطاء والنخوة والإرادة الصلبة كالجبال، وهو مربي الأجيال على حب القضية والوطن".

المصدر / فلسطين أون لاين