إن احتلال فلسطين بيد الكيان الصهيوني المسمى (إسرائيل) يعني حالة السقوط للأمة الإسلامية والعروبية، وضعفها أمام دول الاستعمار الطامع والحاقد، لذا إن الجهاد والنضال لتحرير فلسطين يمثل مركزية الصراع بين مشروع نهضة أمة الإسلام والعروبة في مواجهة المشروع الإسراميكي الغربي، وإن انتصار المقاومة والجهاد في فلسطين يؤدي حتمًا إلى تغيير واقع أمة العروبة والإسلام، وعودة دور الأمة واستئناف حياتها المتقدمة على المشروع الاستعماري وصنيعته الكيان الصهيوني، ولهذا إن المقاومة والجهاد لتحرير فلسطين هما محور أساسي ينظر إليه عامة أمة الإسلام والعروبة لإعادة المشروع النهضوي الوحدوي، وعليه إن المقاومة والجهاد في فلسطين يقعان في مقدمة قضايا أمة الإسلام والعروبة، لذا إن صمود وقوة المقاومة وعدم مساومتها تعطيها الدعم والقوة وعمقًا من ظهيرها الإسلامي والعروبي وتتنامى، فإن الدور الذي يجب أن يتمسك به خط المقاومة والجهاد لتحرير فلسطين يقع على عاتقه مسؤولية كبيرة بألا يتراجع أو يساوم؛ فهو يمثل رأس الرمح لمقاومة المشروع الإسراميكي الغربي، ولما كانت فلسطين خصها رسول الله النبي الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم بأنها أرض الرباط، وأن أهلها مرابطون في سبيل الله؛ فهذا يعني أن الجهاد في فلسطين خريطة الطريق للأمة الاسلامية والعروبية لتحريرها من ربقة الاستعمار الإسراميكي الغربي.
إن تصعيد الجهاد والمقاومة وتقدمهما يهزان أمة الإسلام والعروبة ويحركانها ويحشدانها لتكون ظهيرًا قويًّا، وهما عامل قوي نحو وحدة الأمة والتطلع إلى نهضتها، ويحركان شعوبها، وعامل ضغط سياسي على أنظمتها للتغيير داخليًّا وخارجيًّا، لكون مقاومة الكيان الصهيوني والجهاد لتفكيكه يعنيان الاصطدام بقوى الاستعمار المعادي لنهضة أمة الاسلام والعروبة، فإن القوى الإسلامية والعروبية المجاهدة المقاومة على أرض فلسطين مطالبة بإدراك حجم دورها الكبير والعميق، وإستراتيجية جهادها ونضالها لتحرير فلسطين، منطلقًا مركزيًّا إستراتيجيًّا شاملًا لتحرير الأمة وجهادها ونضالها بوحدتها وتصاعدها، وسيلة لتحقيق وحدة الأمة الإسلامية والعروبية ونهضتها.
يقتضي منا أهل الجهاد والمقاومة رص الصفوف والمحافظة على وحدة خط المقاومة والجهاد، وإفشال مخططات تمزيق صف الجهاد والمقاومة بدفعه إلى الصراع الداخلي لإضعافه، نفهم ونعي أن وجهات النظر التي تخدم الدفاع عن مشروع المقاومة والجهاد للتحرير والاجتهادات حق طبيعي، وهو أساسًا في ثقافتنا الإسلامية والعروبية، ولكن هذا لا يعني أبدًا الموافقة أو فتح الطريق إلى اختراق إستراتيجيتنا المجاهدة والمقاومة، وبالتالي تقديم تنازلات تخالف عقيدتنا وثقافتنا المقاومة وتؤدي إلى إضعاف جبهتنا الداخلية وتفكيك وحدتنا، وهذا يتطلب من قوى الجهاد والمقاومة تجنب خلق مناخ الصراع والخصومة الذي يحاول الطرف المساوم والمهرول جرنا إليها من طريق أطروحات تظهر أنها بريئة وهادفة إلى مصلحة قضيتنا الوطنية، وما هي إلا لشق وحدة المقاومة وزرع الخصومة والفرقة، الصحيح والأصح التمسك بخط الجهاد والمقاومة، والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، والممارسة الجهادية المقاومة، إستراتيجية ضد العدو الصهيوني وحلفائه وأذنابه، وخلق قناعات واتجاهات، وتوسيع خط الجهاد والمقاومة لتحرير فلسطين كل فلسطين عنوانًا لوحدة الأمة ونهضتها.
وفي هذا الظرف الدولي والإقليمي إن ظهير المقاومة والجهاد يتجه إلى الأفضل، وإن المتابع لتوازن القوى والنظام الدولي والإقليمي يجد أن أمريكا والقوى الدولية لم تعد تملك قوى الاستكبار العالمي (الاقتصاد العالمي) كما كانت سابقًا، بل بدأت قوى أخرى تنافسها بشدة، مثل الصين، والخلخلة في الميزان الدولي ونشوء أنظمة إقليمية صاعدة مناكفة للإمبريالية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وخلخلة علاقتها مع الغرب الاستعماري، وبدأت قوى إقليمية تناكف الإسراميكي الغربي، ومن حسن الحظ أن الأكثر من هذه الدول هي إسلامية مناكفة، ومتصاعدة النهضة، وبتفاوت تتقاطع إلى حد ما، بتصاعد، مثل: باكستان النووية وتصاعد تكنولوجيتها، ومناكفتها المشروع الأمريكي.
وإيران الصاعدة تكنولوجيًّا واقتصاديًّا والمناكفة للمشروع الإسراميكي الغربي، وهي على شفا أن تكون في صفوف الدول النووية، وتركيا المتصاعدة تكنولوجيًّا واقتصاديًّا وتنفك رويدًا رويدًا عن حلف الناتو، وتناكف الولايات المتحدة والغرب الاستعماري، ويلوح في الأفق دور لطالبان أفغانستان الجديدة المناكفة والمقاومة للغزو الأجنبي.
وبالرغم من اهتزاز العمق القومي الرسمي لم يستطع الإسراميكي الغربي ثني سوريا عن إستراتيجية مقاومة المشروع الصهيوني والوقوف إلى جانب المقاومة، وإن الدول التي عقدت معاهدات واتفاقيات مع الكيان الصهيوني عدا السقوط الإماراتي ومشيخات وزنها لا يكاد يذكر لم تتمادَ في العلاقة مع العدو الصهيوني والتطبيع معه، بل بقيت على المستوى الرسمي تناصر وتدعم المطالبة بأن ترضخ (إسرائيل) إلى القرارات الدولية وحق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال، وما زالت إرادة الشعب تحرير فلسطين كل فلسطين مثل الأردن ومصر، وما زالت الولايات المتحدة وحلفاؤها لم يستطيعوا فرض التطبيع مع دول عربية أخرى، وما زالت الشعوب في المغرب العربي ترفض التصالح مع العدو الصهيوني، ومازالت ثقافتها الإسلامية خصوصًا المتصوفة المقاومة بين ظهرانيها؛ فهم تلامذة المجاهدين المقاومين للاستعمار الطامع التغريبي: عمر المختار (ليبيا)، وعبد القادر الجزائري (الجزائر)، والشعب التونسي والسوداني والمغربي.
كل هذه المقدمة هدفها أنه يتطلب من القوى الإسلامية والعروبية المقاومة أن تتمسك بخيار المقاومة والجهاد، وأن تتوجه إلى التحالف مع العمق الإسلامي والعروبي والاعتماد عليه، خصوصًا المتصاعد والمناكف للمشروع الإسراميكي والغربي، وعدم الرضوخ إلى إملاءات وضغوطات الأمريكي المتراجع في الميزان الدولي، ويحاول تثبيت مشروعه الاستعماري، وصنيعته الكيان الصهيوني الذي يتفكك داخليًّا، وغير قادر على حسم معركته مع خط المقاومة والجهاد، وميزان الردع والرعب ليس لمصلحته، فيلجأ إلى جر النظام المهرول نحو التطبيع ومسايرة توافق خط المساومة والتفريط.
إن عمق وظهير المقاومة والجهاد هو الأقوى والمتصاعد، فليس من الحكمة مسايرة الإملاءات والضغوطات الأمريكية وخلفائها والخانعين، بل الإعداد والصمود والمقاومة ما استطعنا، والتوجه إلى العمق الإسلامي والعروبي المقاوم والمتجه نحو مقاومة المشروع الغربي الاستعماري، وبالتالي مقاومة صنيعته الكيان الصهيوني المسمى (إسرائيل) طريقًا وحيدًا لتحرير فلسطين كل فلسطين، وعنوانًا لنهضة أمة العروبة والإسلام، فلا نكون مطية لتثبيت الدور الأمريكي وتثبيت ربيبته (إسرائيل)، بل نكون رأس الرمح لإفشال مشروع تصفية قضية فلسطين وتفكيك الكيان الصهيوني الذي بنى كيانه الهش على أرض فلسطين.