فلسطين أون لاين

تقرير "أم أحمد الزهار" تجمع في بيتها الأسير والجريح والشهيد

...
كفاية الزهار "أم أحمد" (تصوير: ياسر قديح)
غزة/ جمال غيث:

تجلس كفاية الزهار "أم أحمد"، وحيدة تقلب شريط ذكرياتها بحلوها ومرها بجمالها وسعادتها، بعد أن اعتُقِل أحد أبنائها وأصيب الآخر بجراح أفقدته عينه اليسرى واستشهد الثالث على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي.

لا يمضي يوم من الأيام إلا وتستذكر فيه الستينية الزهار، التي تقطن في حي تل الهوى جنوب غرب مدينة غزة، أبناءها الثلاثة الذي تعرضوا لبطش وإجرام الاحتلال الإسرائيلي.

واعتقلت قوات الاحتلال الأسير "أحمد" في 10 شباط/ فبراير عام 2003، وحكم عليه بالسجن 20 عامًا، بتهمة حيازة أسلحة لمقاومة الاحتلال، في حين أصيب شقيقه "محمد" في قصف إسرائيلي استهدفه في عدوان 2014 أدى لفقدانه عينه اليسرى وإصابته بحروق شديدة، في حين استشهد شقيقه "محمود" في عدوان عام 2012.

منع الزيارة

وتقول الزهار: "تعُدُّ الأم الفلسطينية الأيام والليالي كي ترى أبناءها واقفين أمامها يساندونها ويقفون إلى جانبها في كبرها وضعفها، لتجد أن أحدهم دسته في التراب شهيدًا والآخر جريحًا، والثالث أسيرًا".

وتضيف الزهار، لصحيفة "فلسطين"، أنها بحاجة ماسة إلى إطلاق سراح ابنها "أحمد" ليقف إلى جانبها بعد أن أصيب شقيقه محمد واستشهد الآخر، "فأنا بأمس الحاجة إلى إطلاق سراحه ليساندني ويؤنسني في وحدتي".

وتكمل بتلعثم، لمنع دمعتها من النزول: "منذ مدة طويلة لم أسمع صوت "أحمد" ولا أعلم ما أوضاعه، وكيف يمضي الأيام في السجن، فكم أشتاق له، وكم أتمنى أن أراه أمامي محررًا من سجون الظلم الإسرائيلية".

وتحرم سلطات الاحتلال الأم الزهار، منذ ستة أعوام من زيارة نجلها "أحمد" المعتقل في سجن "هداريم" بزعم المنع الأمني، متسائلة بغضب: "لماذا أحرم من زيارة ابني؟! وما الخطر الذي أشكله على الاحتلال لأمنع من الزيارة؟! وأين العالم من معاناة أمهات الأسرى وأبنائهم في السجون؟!".

وعلى الرغم مما حل بالزهار من آلام، فإن الابتسامة لا تفارق محياها، محملة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن معاناة الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن وجوده.

يوم الأم

وتؤكد الزهار في مشاركتها في الاعتصام الأسبوعي لأهالي الأسرى، أن ذوي الأسرى في قمة التوتر والقلق على مصير أبنائهم بالسجون، الذين يتعرضون لجرائم الاحتلال دون رحمة أو شفقة.

وأضافت: "ما زاد من قلق الأسرى هو انتشار فيروس كورونا في صفوفهم"، داعية أحرار وشرفاء العالم والمؤسسات الدولية والطبية للاطلاع على أوضاع الأسرى داخل السجون، وحمايتهم من الإصابة بالأمراض.

وتناشد الزهار، العالم قائلة: "في الوقت الذي يحتفل فيه العالم بيوم الأم، أدعو أصحاب الضمائر الحية والمؤسسات والمنظمات الدولية والمعنية بقضايا الأسرى وحقوق الإنسان، للتحرك الفوري والعاجل لإطلاق سراحهم من خلف القضبان".

وتحرص الزهار على المشاركة في الاعتصام الأسبوعي لأهالي أسرى قطاع غزة، كل يوم اثنين من كل أسبوع أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمدينة غزة، كي توصل رسائل شوق ومحبة لابنها "أحمد" عبر وسائل الإعلام التي تحضر لتنقل فعاليات الاعتصام.

وأم أهالي أسرى القطاع ومحررون ومتضامنون معهم وممثلو الفصائل والقوى الفلسطينية ونشطاء وطالبات من مدرسة الرملة الأساسية للبنات، الاعتصام الأسبوعي لأهالي الأسرى، أمس، رافعين صورًا لعدد من الأسرى، ولافتات كتب عليها: "أسرانا في خطر، وأين أنتم من معاناة أسرانا؟"، وأخرى مكتب عليها: "أسرانا شموع تحترق لتنير لنا طريق المستقبل.. نحن معكم".

مقاومة التطبيع

وفي ذات السياق، نظمت حركة مقاطعة (إسرائيل) "BDS" ولجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية، فعالية للتضامن مع الأسرى والأسيرات، أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمدينة غزة، أمس.

وقالت عبير الغول، في كلمة اللجنة المحلية لمقاطعة الاحتلال: "قبل أيام احتفل العالم بيوم المرأة وأول من أمس احتفل بيوم الأم وما زالت سلطات الاحتلال تعتقل أسيرات فلسطينيات منهن أمهات حرمن من الاحتفال مع أطفالهن في يوم الأم".

وشددت على ضرورة فضح جرائم الاحتلال بحق الأسرى والتواصل مع المؤسسات الدولية والأممية لوقف الانتهاكات الممارسة بحقهم، مؤكدة أن الشعوب العربية لا تزال تعتبر القضية الفلسطينية قضية العرب الأولى ومحور الصراع، داعية لأن يكون عام 2021 عامًا لمقاومة التطبيع مع الاحتلال ورفع كلفته.

وحثت الشعوب العربية والمؤسسات الحكومية والأهلية على مقاطعة الاحتلال من خلال سحب الاستثمارات ومقاطعة الشركات الداعمة له حتى يزول نظام التمييز العنصري غير الأخلاقي وغير الإنساني بحق الشعب الفلسطيني، ومحاكمة الاحتلال على كل الجرائم التي ارتكبها بحق شعبنا عامة وبحق الأسرى خاصة.

وقالت الغول: "في مثل هذا الأيام من كل عام تطلق اللجنة الوطنية لمقاطعة الاحتلال وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات "BDS" أسبوع مقاومة الاستعمار والأبارتهايد الإسرائيلي وهي سلسلة عالمية من الفعاليات والأنشطة من أكثر من 200 مدينة حول العالم بهدف رفع الوعي بنظام الاستعمار والفصل العنصري الإسرائيلي المفروض على الشعب الفلسطيني، مؤكدة أن حركتها تقف إلى جانب الأسرى.

ظروف قاسية

من جانبه، قال نشأت الوحيدي، في كلمة لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية: يحتفل العالم في يوم الأم، والأسيرات يعانين ظروفًا لا إنسانية قاسية، ويواجهن سياسة مشددة من العقاب والإجراءات على يد إدارة سجون الاحتلال.

وأضاف الوحيدي، في كلمة له: ما تزال سلطات الاحتلال تعتقل 12 أمًّا فلسطينية، من بين الأسيرات البالغ عددهن 37 أسيرة يقبعن في سجن "الدامون" ومركز توقيف "هشارون".

وبين أن الأمهات الأسيرات لديهن 33 ابنة وابنًا، ويحرمن من الزيارات المفتوحة، ومن تمكينهن من احتضان أطفالهن وأبنائهن.

ودعا المجتمع الدولي والمنظمات الدولية للنهوض من حلة الصمت التي تعيشها والانتصار للمرأة الفلسطينية، وإطلاق سراحها، مطالبًا اللجنة الدولية للصليب الأحمر للقيام بواجباتها والتزاماتها لتوفير الحد الأدنى من الرعاية للأسرى والأسيرات وإطلاق سراحهن.