ارتدى عدد من أطفال وزوجات شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صيف عام 2014م لباسًا أبيض كلون الكفن الذي لُف فيه آباؤهم الشهداء، لمطالبة السلطة في رام الله بصرف رواتبهم ومخصصاتهم المالية.
وحاول أبناء وزوجات الشهداء، خلال مسيرة دعت إليها اللجنة الوطنية لأهالي شهداء وجرحى عدوان 2014، بمناسبة يوم الأم الذي يصادف 21 آذار/ مارس من كل عام، إرسال رسالة لكل المعنيين أنهم مقبلون على تصعيد خطواتهم الاحتجاجية ما لم تُصرف رواتبهم.
وردد الأهالي خلال مسيرة انطلقت من أمام مقر مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى، في مدينة غزة، اليوم الأحد، إلى مقر المجلس التشريعي، هتافات منها: "ياللعار ياللعار دم الشهداء بيغلي نار، ووين حقوق الشهيد"، وأخرى "ما بدنا شعارات رنانة بدنا خبز لإطعام أيتامنا.. وسبع سنين كفاية.. بدنا حل بدنا حل".
وبحزن تقول الطفلة ملك محيسن ابنة الشهيد مصطفى محيسن: "يكفينا ظلم، فمنذ سبعة أعوام لم نتلقَّ المخصص المالي لوالدي الشهيد، وأصبحت حياتنا غريبة فلا يوجد معنا الأموال لنشتري احتياجاتنا أسوة بصديقاتي في المدرسة".
وتضيف محيسن (8 أعوام) لصحيفة "فلسطين": "يحتفل العالم بيوم الأم، ونحن لا نزال نطالب بحقوقنا المشروعة التي كفلها القانون، ولكن دون جدوى".
وتحت أشعة الشمس الحارقة وإلى جوار "ملك" يقف شقيقها "سعيد" ابن السبعة أعوام، رافعًا بين يديه صورة لوالده الشهيد "مصطفى" الذي لم يرَه، مطالبًا بصوت متقطع بصرف راتب والده الشهيد.
ويلفت إلى أن عائلته المكونة من خمسة أفراد يعيشون في منزل جدهم الكائن بمخيم جباليا للاجئين شمالي قطاع غزة، بعد استشهاد والدهم، وعدم وجود من يعيلهم ويلبِّي احتياجاتهم.
وإلى جوار "ملك" و"سعيد" تقف والدتهم لتقول لصحيفة "فلسطين": جئنا في يوم الأم لنجدد مطالبتنا للسلطة بصرف رواتبنا التي كفلها القانون الفلسطيني.
وتضيف محيسن لصحيفة "فلسطين" يحتفل العالم بيوم الأم في الوقت الذي نسير فيه بالشوارع ونعتصم أمام مقر مؤسسة أهالي الشهداء منذ سبعة أعوام للمطالبة بحقوقنا العادلة والمشروعة.
وتؤكد أن أهالي الشهداء بحاجة ماسة إلى راتب يضمن حياة كريمة لأبنائهم، مطالبة رئيس السلطة ورئيس حكومته بالعمل على إنهاء معاناتهم وصرف رواتبهم قبل إجراء الانتخابات.
ولا يختلف الحال كثيرًا عن الطفلة تحرير بعلوشة، في مطالبتها السلطة بصرف رواتب أشقائها الخمسة الذين استشهدوا خلال عدوان 2014.
وتشتكي بعلوشة، تسعة أعوام، في حديث لصحيفة "فلسطين" من تردي أوضاع عائلتها الاقتصادية وعدم امتلاكها الأموال الكافية لشراء احتياجاتهم، مشيرة إلى أنها ترافق والدتها في كل الفعاليات والاعتصامات التي تنظَّم للمطالبة بصرف مخصصات أشقائها الشهداء.
خطوات احتجاجية
ويقول الناطق باسم اللجنة الوطنية لأهالي الشهداء والجرحى علاء البراوي: جئنا في يوم الأم، لتأكيد ضرورة صرف رواتب ومخصصات أهالي وأرامل الشهداء والجرحى.
ويضيف في كلمة له: "يحتفل العالم بيوم الأم، وأمهات وأرامل وأطفال الشهداء يفترشون الأرض ويلتحفون السماء منذ سبعة أعوام أمام مقر مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى للمطالبة بحقوقهم".
وأكمل: "جئنا من أمام مقر المجلس التشريعي لإيصال صوتنا للكل الفلسطيني، ومطالبتهم بإنهاء معاناتنا والتوقُّف عن تقديم الوعود لنا بصرف رواتب ذوي الشهداء وترجمة تلك الوعود على أرض الواقع".
ويؤكد البراوي أن أهالي الشهداء عازمون على تصعيد خطواتهم الاحتجاجية للمطالبة بحقوقهم، وأن هذه الخطوات لن يوقفها إلا إصدار قرار بصرف مخصصاتهم المالية، "ولن نصوِّت في الانتخابات لأحد ما لم تُحل قضيتنا".
ويدعو السلطة إلى الوقوف مع أهالي وأبناء وأرامل الشهداء، لا أن يتركوهم وحدهم في الشوارع للمطالبة بحقوقهم.
ويبين أن العديد من أبناء وآباء وأمهات وأرامل الشهداء يقطعون مسافات طويلة للمشاركة في الفعاليات والاعتصامات أمام مقر المؤسسة للمطالبة بصرف رواتبهم.
جسور الثقة
ويؤكد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل حقَّ أهالي الشهداء والجرحى بالحصول على راتب يضمن لهم حياة كريمة أسوة بغيرهم من أهالي الشهداء والجرحى.
ويقول المدلل لصحيفة "فلسطين": لا يمكن أن تكون الانتخابات مدخلًا لإنهاء الانقسام في ظل القضايا الشائكة والمشكلات التي يعيشها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
ويضيف: كان من المفترض أن تُمد جسور الثقة في قطاع غزة، وأن تُنهى العقوبات التي فرضتها السلطة على القطاع، وأن تأخذ غزة حقها من ميزانية السلطة.
ويشدد على ضرورة تحقيق وحدة وطنية من خلال صياغة برنامج وطني واحد لمواجهة جرائم الاحتلال التي يمارسها ضد أبناء شعبنا في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، ومن ثم نذهب إلى انتخابات.
ومنذ سبعة أعوام تنتظر نحو 2000 عائلة شهيد من أهالي شهداء عدوان 2014 توقيع الرئيس عباس قرارًا يقضي بصرف رواتبهم المستحقة التي كفلتها اللوائح الداخلية لمنظمة التحرير، كما ينتظر العشرات من أهالي الشهداء والجرحى أن تعيد السلطة صرف رواتبهم المقطوعة.