فلسطين أون لاين

تضرب استقلالية مؤسسات المجتمع المدني وأدوارها بالمحاسبة والمساءلة

عودة: تعديلات "قانون الجمعيات" تمت بسرية عالية.. ومهلتنا للحكومة لإلغائها انتهت

...
رام الله- غزة/ يحيى اليعقوبي:

أكدت رئيسة مجلس إدارة شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية شذى عودة، أن بنود قرار رئاسة السلطة بتعديل قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية تضرب استقلالية مؤسسات المجتمع المدني وأدوارها الرئيسة المتعلقة بالمحاسبة والمساءلة والرقابة على أداء السلطة، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن المهلة التي منحتها المؤسسات للحكومة لإلغاء التعديلات أو تجميدها بقرار بقانون كما أقرت قد انتهت، لكن "جائحة كورونا تؤجل خطواتها التصعيدية".

وكشفت عودة في حوار خاص مع صحيفة "فلسطين" أن التعديلات على القانون تمت بسرية عالية ولم يُتشاور فيها مع مؤسسات المجتمع المدني، كما أنها لم تستوفِ كامل النقاشات داخل مجلس الوزراء في رام الله نفسه.

وقالت إن التعديلات تمثل لنا أشياء كبيرة وليس كما تقول الحكومة في رام الله أنها تعديلات بسيطة، "لأنها تؤثر في دورنا المكفول بالقانون الأساسي، وتحديدًا في المادة 43 منه، التي تنص على حقنا في تكوين الجمعيات وممارسة أعمالنا".

كما أن المواثيق الدولية أعطت الاستقلالية والحرية للمؤسسات في تمويلها وأعمالها وأهدافها، والتي انضمت إليها السلطة ووقعتها، "فلماذا لا تُحترَم؟"، وفق عودة.

وأوضحت أن مطالب المؤسسات تتمثل في إلغاء التعديلات أو تجميدها بقرار بقانون كما أُقرت من رئيس السلطة محمود عباس، وليس تجميدها بقرار من رئيس الحكومة، وأن هذا ما جرى إيصاله إلى المجلس وإعطاؤه مهلة لذلك، لافتة إلى أن المهلة انتهت لكن أزمة جائحة كورونا تحد من قدرة المؤسسات على القيام بخطوات تصعيدية، وتؤجلها احترامًا للوضع الصحي الطارئ.

مبررات غير مقنعة

ونبهت إلى أن قانون الجمعيات أقر عام 2000 من المجلس التشريعي بمشاركة واسعة من مؤسسات المجتمع المدني في إعداده، مؤكدة عدم اقتناعها بمبررات حكومة رام الله للتعديلات على القانون خاصة أنها فرضت في وضع طوارئ دون وجود ضرورة ملحة لتغييره وتعديل بنوده.

وعدت أن التعديلات تسخيفٌ بمكانة ودور مؤسسات المجتمع المدني، و"كأنها لا تقوم بأعمالها ويجب أن تضغط عليها الحكومة".

وبشأن الرواتب العالية لموظفي ومديري بعض مؤسسات المجتمع المدني، إذ ينص القانون الجديد على أن رواتب موظفي الجمعيات والمصاريف التشغيلية يجب ألا تزيد على 25 بالمئة في الجمعية من إجمالي الموازنة السنوية، علقت على ذلك باعتبار ذلك تقييدًا للمؤسسات، وعدم مراعاة وجود مؤسسات عريقة وكبيرة تقدم خدمات وتصل إلى مناطق مهمشة لا تصل إليها الوزارة الخدماتية.

وأضافت أن بعض الجمعيات مثلًا لديها طبيعة عمل ذات اختصاصين كما الحال في المؤسسات الصحية، بالتالي ستكون النفقات التشغيلية أعلى من 25 في المئة، معتبرة اشتراط تحديد الخطط التشغيلية مصادرةً لأدوار مجالس إدارة وهيئات التأسيس بالمؤسسات التي تضع الخطط والموازنات.

وقارنت عودة ذلك بموازنة الوزارات الخدماتية التي تفوق 60-70 في المئة وأحيانًا تصل إلى 90 في المئة، متسائلة عن سبب تقليص دور وخدمات مؤسسات المجتمع المدني التي تشغل نحو 40 ألف شخص أصبحوا مهددين بالانضمام إلى صفوف البطالة.

وتابعت أن تحديد 25 في المئة للمصاريف التشغيلية يعني أن مؤسسات المجتمع المدني ستقلص الوظائف وتغلق برامجها وتُضرب استقلاليتها، ويصبح رأيها مرهونًا بموافقة وزارة الاختصاص، عادَّةً ذلك "تكميمًا للأفواه" ودفعها للقيام بأعمال ترضي الوزارة فقط.

ولفتت إلى أن ذلك سيضعف دور الرقابة والمحاسبة والنقد في إطار القانون، لأنه سيتم ملاحقة المؤسسات، مشددة على ضرورة احترام دور مؤسسات المجتمع المدني التاريخي، وأن ديمقراطية الحكومة يعتمد على قوة مؤسسات المجتمع المدني في أي بلد.

تحويل لخزينة الدولة

وتنص التعديلات كذلك على أنه إذا لم تنسجم خطط مؤسسات المجتمع المدني مع خطط الوزارات المختصة فيجوز حلها، وعندها؛ تضع وزارة الداخلية يدها على مقدرات الجمعية وتصفي عملها، وتعمل على إيداع ممتلكاتها في خزينة الدولة.

وعلقت عودة بأنه من الممكن وقف الخطط، والتأثير في استقلالية المؤسسات إذا لم تعجبهم القضايا التي نناقشها، وكذلك تؤثر في تنفيذ استراتيجيتنا ورؤيتنا ورسالتنا، لافتة إلى أن مؤسسات المجتمع المدني بالأصل لن تكون خارجة في عملها عن سياق الخطط الوطنية والتنموية.

وتساءلت: "لماذا لا تُحترَم القوانين الأساسية، فكل مؤسسة لديها آلية عمل وبرامج متسقة وطنيًّا؟"، مشيرة إلى أن التعديلات تمنح رقابة من مجلس الوزراء على التمويل وآلية إدخاله وموافقته عليها.

وحول إن كان هناك علاقة بين التعديلات والانتخابات، ترى عودة أنها "استباق للمجلس التشريعي ومحاولة السيطرة على مفاصل العمل المدني والنقابات، وأن التعديلات وكل القوانين التي تسن أعطت صلاحيات واسعة للهيئات التنفيذية للسيطرة على القضاء والتشريعات لتُحقَّق أهداف وغايات محددة للمتنفذين القادمين، وهذا له علاقة بترتيب كل مفاصل العمل النقابية والقضائية والمدنية ولا يبشر بخير".

وأكدت أنه في حال استمر القانون قائمًا، فإن مؤسسات المجتمع المدني لن تراقب على الانتخابات وهذا سيطعن في نزاهتها، مشددة على أهمية أن يكون هناك رقابة محلية تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني، وأن "عدم القيام بهذا الدور يحرج الحكومة أمام المراقبين الدوليين التي تواردت أنباء أنها ستحضر معلمين للرقابة المحلية بدلًا من المؤسسات".

المصدر / فلسطين أون لاين