تطوي حركة حماس هذا الشهر تجربتها الانتخابية الداخلية الجديدة لاختيار وتجديد قياداتها في المستويات المختلفة بعد ادخال تعديلات على نظامها الانتخابي الداخلي، وهي التجربة الأولى التي تدير فيها الحركة ممارساتها الانتخابية على نحو علني، وتنشر بيانات وأخبار عن مراحلها واختياراتها في كل مرحلة أمام الرأي العام وعبر وسائل الاعلام رغم كل الضغوط والقيود التي تتعرض لها الحركة خصوصا في محيط الإقليم.
هذه التجربة تعكس تطورا في فكر الحركة السياسي، وتجربتها الديمقراطية الشورية التي تحاول من خلالها أن تنقل رسالة للعالم بأنها حركة تستند في ممارساتها للقيم الديمقراطية، والقانون، وأنها حركة شفافة في عملها، وأنها بذلك تحترم القيم الديمقراطية في مشاركتها السياسية مع الاخر، وأنها مستعدة لتحمل تبعات ذلك عليها وتبادل الأدوار وفقا للقواعد والقيم الديمقراطية.
هذه التجربة تأتي بالتزامن مع توجهات الحركة للانخراط في النظام السياسي الفلسطيني عبر الانتخابات، وتعزيز شرعيتها محليا ودوليا، وتأكيد حضورها ودورها، وتقديم قيادات وكوادر منتقاه بصورة ديمقراطية شورية توافقية لتولي مسئولية وإدارة الشأن العام سواء كان ذلك عبر التوفق الوطني أو الشراكة السياسية المتساوية وفقا لما تفرزه العملية الانتخابية في الأراضي الفلسطينية، وهي بذلك تبعث برسالة إلى المجتمع الدولي بأن حركة حماس لم تعد تنظيما خاصا وانما هي مكون أساس في النظام السياسي الفلسطيني، وشريك سياسي لكل من يحترم القيم الديمقراطية ونتائج الانتخابات، ويتخلى عن التصنيفات والأحكام المسبقة على المكونات السياسية الفلسطينية، وأن تبني حماس للقيم الإسلامية لا يضر ولا يخل بالتزاماتها ومسئولياتها أمام شعبها وأمام القانون الدولي وشركائها السياسيين.
هذه التجربة لحركة حماس على أهميتها وتطورها إلا أنها لا تخلو من محاذير ومخاوف مستقبلية أمام الحركة تتجسد في أنها لا زالت لم تحصل على الاعترافات المطلوبة بشراكتها السياسية، وحضورها ودورها ومكانتها في النظام السياسي الفلسطيني، وبالتالي انكشافها على الرأي العام والإعلام في هذه المرحلة لا يخلو من مخاطر على مستقبلها وقياداتها، وبالتالي هذه التجربة تحتاج إلى مراجعة وتقييم في الوقت المناسب حتى تحقق أغراضها السياسية من جهة، وتحافظ على بنيتها الخاصة أمام خصومها.