فلسطين أون لاين

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي

...
أدهم شرقاوي - فيسبوك

ها أنتَ الآن منهكٌ مجددًا، حتى أنكَ عاجزٌ عن النومِ رغم شدَّة التعب، تدور في رأسكَ ألف فكرة حتى ليُخيّل إليكَ أنَّ العالم الذي في رأسكَ أكبرُ من العالم الذي رأسكَ فيه!

وحيدٌ رغم كل هذا الزّحام حولكَ!

كلهم يرون صلابتكَ، تلكَ القشرة السميكة التي تُغلفُ بها نفسكَ، كثمرة الجوز، صلبة جدًا من الخارج، ولكنها من الداخل هشَّة! لا أحد منهم يرى هذه الهشاشة التي أنتَ فيها!

كلهم يرون ابتسامتكَ، تلك التي تعلو محيَّاكَ دومًا، ولا أحد منهم يعلمُ أنك تنتظرُ أن تنفرد بنفسكَ لتبكي!

كلهم يستندون عليكَ، هكذا عودتهم أنتَ، أن تكون كتفهم وعكازهم، ولكن كيف تخبرهم أن حتى الأقوياء تمرُّ بهم لحظات ضعفٍ ويحتاجون من يسندهم أيضًا، ولكنكَ لا تجرؤ أن تبوح بضعفكَ، لا يمكن للشجرة أن تقول: أريدُ أن أستلقي قليلًا لقد تعبتُ من الوقوف!

لا عليكَ يا صاحبي، لا عليكَ، هذا هو قدرك، أن تكون كالشمعة التي تحرقُ نفسها لتضيء للآخرين!

اُثبتْ فلعلَّ في ثباتكَ ثباتًا لكثيرين يتعزون بكَ، ولو مِلتَ لمالوا!

أعلمُ أنك تعبتَ، ولكنكَ لا تملكُ رفاهية أن تستريح قليلًا، الجنود لا يستلقون أثناء المعركة وإن أنهكهم التعب!

والآن قِفْ هُنيهةً، وأَعِرْني قلبكَ قليلًا يا صاحبي!

ألمْ تقل لي يومًا: الناس في هذه الحياة لا يمشون إلا في دروب أقدارهم!

فلا تقتلْ نفسكَ بكثرة التفكير، ولا تشغل قلبكَ بما ليس لكَ يدٌ فيه!

أمر اللهِ نافذٌ لا محالة، مهما بدت لك الطرق عسيرة، والأبواب مغلقة!

ليس لكَ إلا السَّعي، وليس عليكَ إلا أن تمشي، أما متى تصل، كيفَ، وأين؟

فهذا غيبٌ لا يعلمه إلا الله!

شيءٌ واحدٌ لا تنسَه يا صديقي

بعض المسؤوليات اصطفاء!

واللهُ لا يستخدمُ في سبيله إلا من كان نقيًا!

نحن لا نستخدم أداةً متسخة لننجز عملًا ما ، هذا ونحن بشر، فكيف بالله وهو الله؟!

ما دام قد استخدمكَ فقد نظر إلى قلبكَ، فارتضاه، فأي شيءً بعدها يمكن أن يُكدّركَ؟!

المعركة صعبة يا صاحبي، أعلمُ هذا جيدًا، ولكن ألم يخطر لكَ ولو من باب المواساة، أن الله لا يعطي أصعب المعارك إلا لأقوى جنوده؟!

والسلام لقلبكَ