لوحات تبعد كل واحدة عن الأخرى بضعة أمتار، اندرجت جميعها تحت عنوان رئيس هو "المرأة الفلسطينية"، لكن تفرعت كل فنانة تشكيلية منه بموضوع خاص مختلف عن الآخر، لتقف ثابتة بجانب لوحتها وتتحدث عما يجول بخاطرها.
جاء ذلك في معرض الفن التشكيلي بعنوان "ربيع امرأة"، الذي نظمته قرية الفنون والحرف التابعة لبلدية غزة بمناسبة يوم المرأة العالمي، الذي حل في الثامن من مارس/آذار، بمشاركة 45 سيدة من الرياديات والمبدعات.
الشابة آمنة بهار (24 عامًا)، من مدينة غزة، إحدى المشاركات في المعرض، بالألوان الزيتية وريشتها رسمت المرأة الفلسطينية الملثمة بالكوفية، وبرزت عيناها في اللوحة لتظهر وهي ترنو نحو المسجد الأقصى، ولم تنسَ وضع خارطة فلسطين في لوحتها، وجعلتها على جبين المرأة.
تقول لصحيفة "فلسطين": "حملت هذه اللوحة شخصيتي، وأردت أن يكون لي وجود في المعرض الذي يختص بالمرأة الفلسطينية لكونه فرصة للتعبير عنها وعن قضاياها التي تشغل بالها وتنغص عليها حياتها في بعض الأحيان".
وتوضح آمنة أنها أرادت تشبيه اللوحة بها لكونها فلسطينية من غزة ومحرومة من زيارة الأقصى، على الرغم من أحقيتها بذلك، وبأداء العبادة فيه، مشيرة إلى أن كل فنانة تشكيلية مشاركة أرادت تخصيص لوحتها في الهدف التي تسعى المرأة إلى تحقيقه.
في حين الفنانة التشكيلية أفنان عباس (26 عامًا)، من مدينة غزة، كانت مشاركتها في هذا المعرض بلوحة حملت فنًا مختلفًا هو الفن التجريدي، لكونه ينطوي على الغموض في تفاصيله، ليراها كل زائر من زاويته المختلفة.
تقول أفنان: "حاولت جعل اللوحة تحمل كل شيء يختص المرأة، بماضيها وذكرياتها وحاضرها ومستقبلها، وكذلك اهتماماتها، كما تطرقت إلى أن تكون نظراتها قوية لتظهر قوة المرأة الفلسطينية ومدى تحديها للظروف".
وتوجه أفنان رسالة للمرأة بمناسبة يومها العالمي بأنها الحياة والمستقبل، وتمثل كل صغيرة وكبيرة في المجتمع، وألا تتنازل عن حقوقها.
"قوة المرأة الفلسطينية"
من جهته يقول رئيس بلدية غزة د. يحيى السراج: "ربيع امرأة معرض مميز تفتخر بلدية غزة باحتضانه في هذه المناسبة الخاصة بالمرأة الفلسطينية، الذي يعبر عن قوتها من خلال الفنانات المحترفات والهاويات من أعمار مختلفة والمشاركات بلوحات ذات مواضيع مختلفة".
ويبين السراج لصحيفة "فلسطين"، أن كل اللوحات اتفقت على أن المرأة الفلسطينية على الرغم من كل الصعوبات والتحديات التي تواجهها والمعاناة اليومية فإنها لا تزال محتفظة بالأمل والطموح وشخصيتها القوية، وتربي الأجيال القادمة على القوة والمقاومة والأمل ولا تتنازل عن تحقيق آمالها.
ويوضح أن مثل هذه المعارض تحقق العديد من الأهداف التي من أهمها تنمية المهارات والمواهب، وإعطاء فرصة للتعبير عن الرأي لدى النساء وقوتهن وشجاعتهن، وتعطيهن الفرصة للتغلب على بعض الصعوبات التي تواجههن في الحياة.
ويوجه تحية لجميع المشاركات النسوية، وللقائمين على المعرض، على الرغم من أنه يعرض في قرية الفنون والحرف التي دمرها الاحتلال، لكنه يعبر عن القوة والصمود والجمال في الوقت ذاته.
من جهتها تقول مديرة قرية الفنون والحرف في بلدية غزة م. نهاد شقلية إن القرية تحيي يوم المرأة العالمي بإقامة معرض "ربيع امرأة" للفن التشكيلي.
وتشير في حديث مع صحيفة "فلسطين"، إلى أن ما يميز هذا المعرض وجود 45 فنانة تشكيلية من النساء للتعبير عما يجول في أنفسهن، إذ إن كل واحدة منهن عبرت عن المرأة الفلسطينية بطريقة مختلفة عن الأخرى، فجمع المعرض 45 لوحة تشكيلية عن المرأة الفلسطينية المكافحة والمعطاة؛ أم الشهيد، والشهيدة، والعاملة، والجريحة، ومربية الأطفال والأجيال، والمضحية.
وتقول م.نهاد: "المرأة الفلسطينية بحر من العطاء، ولذلك حري بنا في قرية الفنون والحرف أن نكرمها في هذا اليوم وإحياء هذا الفن".
وتوضح أن الهدف من المعرض إيصال رسالة للعالم أجمع بقوة المرأة الفلسطينية، وأنه لا مثيل لها من النساء، فهي المناضلة والمقاوِمة.
وتفيد بأنها لم تضع شروطا للمشاركة في المعرض، بل فتحت المجال للجميع، ونظرًا لمحدودية المكان اكتفى بـ45 مشاركة، وقد جمع المعرض بين المبتدئات والمحترفات، وهو دور قرية الفنون والحرف لدعمهن بعرض لوحاتهن في المعارض.