فلسطين أون لاين

مجتمع مدني تحت نار استباقية

في تاريخ ٣/٣/٢٠٢١م أصدرت مؤسسات المجتمع المدني موقفا رافضا لمرسوم تعديل قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية، وقررت الجمعيات الأهلية المستهدفة بالمرسوم تشكيل لجنة طوارئ دائمة الانعقاد لتصعيد الإجراءات الاحتجاجية لحين إلغاء القرار بقانون المذكور، وعدّه كأنه لم يكن، بما فيها الامتناع عن الرقابة المحلية على الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة. ودعوة الفصائل والأحزاب برفض المرسوم، وتوجيه نداء عاجل للمقرر الخاص في الأمم المتحدة بشأن الحق في تكوين الجمعيات حول الآثار المترتبة على تعديل قانون الجمعيات.

أي إن الجمعيات الأهلية والخيرية بدأت معركة محلية ودولية مع مرسوم رئيس السلطة الأخير الخاص بهذا الموضوع، ومن مظاهر هذه المعركة مخاطبة الأمم المتحدة، والامتناع عن مراقبة الانتخابات العامة القادمة، ورفض المرسوم، ودعوة الفصائل والأحزاب لدعم موقف الجمعيات الرافض.

المرسوم الذي أُعلن في جريدة (الوقائع الفلسطينية) بتاريخ ٢/٣/٢٠٢١م، كان قد صدر عن الرئيس في الغرف المغلقة بتاريخ ١٥/١/٢٠٢١م، وذكرت ديباجة المرسوم أنه يستند إلى توصية مجلس الوزراء برئاسة محمد اشتية بتاريخ ١١/١/٢٠٢١م وصدر عن الرئيس بتاريخ ٢٨/٢/٢٠٢١م، أي بفارق زمني شهرًا ونصفًا بين تنسب مجلس الوزراء ومرسوم الرئيس، دون إعلان من مجلس الوزراء، ودون أن يُجرى عليه نقاش مجتمعي، الأمر الذي يجعل من السرية مصدر ريبة وشك، وعنه ينشأ الاتهام بأن الحكومة والرئاسة تعملان بسرية مريبة ومرفوضة.

ومن وجهة أخرى نقول إن المجتمع الفلسطيني مقبل بعد أشهر قليلة على انتخابات عامة، وإن مجلسًا تشريعيًّا جديدًا سيتشكل، وسيمارس اختصاصاته بحسب الدستور، وهذه التعديلات هي من اختصاص المجلس التشريعي، وليست من اختصاصات الحكومة والرئاسة، واستباق تشكيلة المجلس التشريعي القادم، وعدم عرضه على المجلس التشريعي القائم يثير الريبة، ويجعل الرئاسة والحكومة في مركز المتهم، الذي يعمل لأغراض خاصة، ويعمل ضد جهات مدنية. ما الذي يريده من تشاركنا معًا في إصدار هذا المرسوم؟

المرسوم صدر في توقيت حساس، وبعد صدور مرسوم الحريات، أي إن مرسوم الجمعيات يتناقض مع مرسوم الحريات، ويثير معركة داخل المجتمع المدني، فهل يستهدف مرسوم الجمعيات الانتخابات ذاتها، أم يستهدف جمعيات تخص المعارضة الفلسطينية؟

الجمعيات رفضت مرسوم الرئيس، وشكلت لجنة متابعة لمقاومته، والفصائل أيدت موقف الجمعيات، ورجال القانون شككوا بالمرسوم وبأهدافه، وعدوه منافيا لمرسوم الحريات، وما زالت قضية المرسوم ورفضه حية وتشغل وسائل الإعلام، وما زال المجتمع الفلسطيني يحتاج إلى توضيحات ومراجعات تزيل الاحتقان، وتغولات السلطة التنفيذية.