غزة/ رامي رمانة:
"الوزير قاعد دفيان والمواطن في الشارع بردان"، أحد الهتافات التي حاولت عوائل "البرج الإيطالي" الذي هدمه الاحتلال الإسرائيلي في 2014، أن تُسمِعها لوزير الأشغال العامة والإسكان في حكومة رام الله محمد زيارة، في أثناء اعتصامها، اليوم، أسفل مكتبه وسط مدينة غزة، منتظرين إجابته عن سبب امتناعه عن توقيع أمر إعادة إنشاء البرج على الرغم من توفر تمويله من الحكومة الإيطالية، ورسا العطاء على الجهة المقاولة.
وبعد عدة ساعات من الوقفة الاحتجاجية، سارعت وزارة الأشغال العامة والإسكان برام الله إلى إصدار بيان للرأي العام، طمأنت فيه المحتجين، وبررت التأخير أنه نتيجة الوضع الوبائي المتأزم في إيطاليا، وانتهاء عمل المفوض المالي في القنصلية الإيطالية.
ويعدُّ "البرج الإيطالي" الذي تحول إلى أثر بعد عين في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة 2014، أحد المعالم المعمارية التي تميز حي النصر غربي مدينة غزة، وأضحى سكانه المقدَّرون بنحو (350) فردًا مشردين.
وقال يسري درويش ممثلًا عن مجلس إدارة سكان البرج الإيطالي: "إن الوقفة الاحتجاجية هي ممارسة حق من قبل السكان، للتعبير عن رفضهم لمماطلة وزير الأشغال، فهو وقَّع مع الجهة المقاولة عقدَ إعادة بناء البرج الإيطالي منذ ستة أشهر، لكنه منذ ذلك الوقت وهو يماطل في إعطاء أمر التنفيذ للجهة المقاولة".
وأضاف درويش لصحيفة "فلسطين: "الدارج أنه عقب توقيع العقد تبدأ عملية التنفيذ بعد شهرين أو ثلاثة، وهو ما لم يحدث، نحن ننتظر منذ أكثر من ستة أشهر أمر وزير الأشغال للجهة المقاولة للبدء في إعادة البناء ولا نعرف سبب التأخير، بل إن الوزير لا يتواصل مع مجلس إدارة السكان ولا الجهة المقاولة".
ووقع الوزير زيارة في 12 أيلول/ سبتمبر المنصرم، عقدًا مع ائتلاف شركتي الشياح والغد الجديد، لإعادة تأهيل مبنى البرج الإيطالي في قطاع غزة.
ويتكون هذا المشروع من ثلاثة أجزاء هي: البرج السكني بواقع 48 وحدة سكنية، ومحال تجارية ومكاتب، والمجمع التجاري بواقع ثلاثة طوابق، منها محلات تجارية ومكاتب، وجزء يتعلق بهدم وإزالة.
وقال زيارة في حينه، إن هذا المشروع ممول من الحكومة الإيطالية بقيمة تعاقدية وصلت إلى 3 ملايين و200 ألف يورو، مضيفًا أنه ستستفيد منه شريحة واسعة من المواطنين.
ومن اللافتات المرفوعة في الوقفة الاحتجاجية: "يا وزارة الإسكان البيت حق للإنسان"، "شبعنا منكم وعود ايمتا بيتنا بدو يعود"، وأيضًا "إعادة إعمار البرج الإيطالي استحقاق لا وعود ولا نفاق.. إلى متى هذا الحال، كفانا وعودًا كاذبة".
وقالت الخمسينية آمال الغرباوي إحدى المشاركات في الوقفة الاحتجاجية: "نحن ما زلنا مشردين منذ ست سنوات ونصف، وبما أنني صاحبة حق، فأطالب وزير الأشغال وكل مسؤول بأن يسارع في إيجاد حل لمشكلتي ولسكان البرج، فمن غير المنطق أن نبقى بعيدًا عن سكننا، الوزير لديه سكن لذلك لا يشعر في مأساتنا"، معبرة عن استهجانها من المماطلة والتسويف.
وأضافت الغرباوي لصحيفة "فلسطين": صدقوني إن قلت لا أشعر باستقرار في المنزل المستأجر، أريد العودة لشقتي ولجيراني، فكل زاوية لي فيها تحكي ذكريات، البيت ليس جدرانًا وحجارة"، مشيرة إلى أن والدتها توفيت قبل تحقيق أمنيتها في العودة لشقتها المهدمة.
الستيني زياد دهمان، فقد شقة له داخل البرج، وشقة أخرى لابنه، وأضحى يقطن في منزل بالإيجار، يدفع شهريًّا (300) دولار، منذ عام 2014, وابنه كذلك.
وبين دهمان لصحيفة "فلسطين" توقف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي "UNDP" عن دفع بدل إيجارات لسكان البرج منذ عدة سنوات، ومن ثم هم يدفعونها من جيبوهم الخاصة، ما يشكل تحديًا لهم في ظل تأزم الوضع الاقتصادي ونقص فرص العمل.
وأهاب دهمان برئيس الحكومة في رام الله إلى مساءلة وزير الأشغال، واستيضاح أسباب التلكؤ وعدم إعطائه أمرًا للجهة المقاولة في التنفيذ، مؤكدًا أن الواقع الحالي للعائلات المشردة عن منازلها سيئ للغاية، وأنه لا بد من تضافر كل الجهود لإيجاد حل سريع لهم.
من جهتها قالت وزارة الأشغال العامة والإسكان برام الله إنها تبذل جهدًا كبيرًا ومتابعة مستمرة مع كل الأطراف ذات العلاقة لدفع عجلة هذا المشروع.
وأفادت الوزارة في بيان لها أمس: "إنه وُقِّع عقد المشروع وخوطب الجانب الإيطالي لتحويل المبلغ المخصص وذلك للبدء في التنفيذ، وفي هذا الصدد، وإضافة للمتابعات شبه اليومية، خاطب وزير الأشغال العامة والإسكان قبل أشهر القنصل الإيطالي للاستعجال في تخصيص المبلغ؛ نظرًا لأهمية الإسراع في المشروع".
وأضافت الوزارة أن الوزير تلقى كتابًا من القنصل بالخصوص، يفيد بأن التأخير كان نتيجة الوضع الوبائي المتأزم في إيطاليا، كذلك فإن انتهاء عمل المفوض المالي في القنصلية الإيطالية، وانتظار وصول المفوض الجديد، قد ساهم في التأخير"، مشيرة إلى أن القنصل وعد ببذل كل جهد لتخطي هذه المعوقات وتخصيص المبلغ المطلوب للمشروع بالسرعة الممكنة.