لأول مرة منذ أشهر تمكن الغزي محمد عابد (45 عامًا) من التوجه إلى سوق اليرموك الشعبي وبجواره طفله الذي لم يتجاوز عمره 12 عامًا حاملًا بيده قفصًا من طيور الحمام الذي يعشق تربيته، حيث كان ينتظر عودة فتح السوق لشرائها، معبرا عن حبه لارتياد هذا المكان، بعد أن منعته جائحة كورونا من ذلك لمدة.
وينتشر في جنبات السوق عبق التراث، إذ إن فلسطين تشتهر بأسواقها الشعبية، لكن كورونا شكلت عائقا لمدة طويلة. ويتعين على مرتادي السوق للوقاية من الجائحة التزام إجراءات السلامة ومنها ارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي.
وخلال تجوله في السوق، يقول عابد لصحيفة "فلسطين": "هنا توجد مزايا عديدة وكل شيء موجود وبأسعار في متناول الأيدي، خاصة أننا في أيام الأسبوع نكون منشغلين بأعمالنا ووظائفنا، وتفتح أبواب سوق اليرموك في العطل".
وكانت بلدية غزة أعلنت استئناف العمل في سوق الحرية الشعبي "اليرموك"، بناء على توجيهات لجنة الطوارئ المركزية يومي الجمعة والسبت 26-27 فبراير/شباط، حيث عاد النشاط ليدب في السوق الواقع وسط مدينة غزة، وكذلك سلك أصحاب البضائع طريقا إلى الحياة حيث يعدون هذا المكان وسيلتهم إلى الرزق.
في هذا السوق يجد المشترون أصنافا متعددة، سواء من الملابس المستعملة أو الجاهزة ، والدواجن، والمواد الغذائية والتنظيف والدراجات الهوائية والنارية، إضافة إلى الأدوات الكهربائية والإكسسوارات والطيور بشتى أنواعها، والعطور والورد.
الستيني أبو نادر أبو العطا قصد السوق للتجوال فيه ومعرفة طبيعة البضائع المعروضة، فأحيانًا يحضر إليه دون حاجته لشراء أي مستلزمات، فقط لكونه شعبيا ويقضي بعض الوقت في الاطلاع على أسعار البضائع، "أحيانًا تقع لك بعض الشروات دون تخطيط وبسعر مغرٍ".
هناك انهمك بعض الباعة في الترويج لبضائعهم بأصواتهم المبحوحة، وزملاء لهم عبر الميكرفون، في حين انشغل آخرون بالرد على أسئلة المشترين بشأن أسعار البضاعة، أو ترتيب البسطة على نحو يجذبهم.
وبدت على الباعة حالة من النشاط والهمة العالية للعمل بعد تلك الفترة من الإغلاق، ومنهم محمود الأشقر (28 عامًا) الذي يأتي من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، ليعرض بضاعته في سوق الحرية الشعبي.
وبإعلان عودة فتح الأسوق الشعبية يقول الأشقر: "دبت بي الحياة من أول وجديد، رغم محدودية النشاط التجاري، لكنه أفضل من لا شيء".
ولا يقتصر في عرض بضاعته الخاصة بالمستلزمات الكهربائية على هذا السوق بالتحديد، فوجهته في الترويج لها من خلال جميع الأسواق الشعبية من شمال القطاع حتى جنوبه أي من بيت حانون حتى رفح.
والبائع إبراهيم صيام (29 عامًا) جلس طيلة الفترة الماضية في البيت دون عمل، وانتظر قرار فتح هذا السوق وغيره بفارغ الصبر، وعندما علم به توجه مباشرة لنفض الغبار عن بضاعته.
ويعبر عن مشاعر الخوف التي تتملك قلبه من عودة إغلاقه في حال عاد فيروس كورونا للانتشار بوتيرة أسرع.