أثارت فضيحة توزيع لقاحات كورونا على مسؤولين كبار بالسلطة في رام الله حالة من الغضب النقابي والشعبي بالأراضي الفلسطينية، وسط مطالبات بمحاسبة الفاسدين، وإعطاء الأولوية للكوادر الطبية العاملة في الصفوف الأولى لمكافحة الوباء.
واستأثر أعضاء في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ووزراء بحكومة اشتية وعاملون في مجلس الوزراء ومكتب الرئيس، بنصيب الأسد من اللقاحات التي وصلت إلى مخازن وزارة الصحة، رغم محدوديتها وحاجة الطواقم الطبية إليها بدرجة أولى.
وطالبت مؤسسات أهلية في الضفة الغربية، حكومة اشتية بتشكيل لجنة تحقيق للنظر في عملية توزيع اللقاحات ومحاسبة كل من سمح بتجاوز مبادئ التوزيع، ونشر خطة توزيع اللقاحات.
وطالب نقيب الأطباء في الضفة الدكتور شوقي صبحة بمحاسبة من وصفهم بـ"الفاسدين" وفق القانون الأساسي الفلسطيني، وذلك بعد حديث مؤسسات أهلية عن وجود فساد في تلقي اللقاحات المضادة لفيروس كورونا.
وقال صبحة لصحيفة "فلسطين": "أعداد الكوادر الطبية الذين حصلوا على لقاحات كورونا قليل، ويوجد بعض اللقاحات ذهبت إلى أشخاص أقل أولوية، ونطالب بمحاسبة الفاسدين وإنهاء ظاهرة الفساد".
وأوضح أن الأولوية في أخذ اللقاحات يجب أن تكون للكوادر الطبية، المتعاملين بالدرجة الأولى مع مصابي كورونا، من أطباء، وممرضين، وفنيي المختبرات.
بدورها، دعت الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، إلى "ضرورة تعزيز الرقابة الوطنيّة والمجتمعيّة على معايير توزيع اللقاحات الخاصة بفيروس كورونا بعد الحديث عن وجود عملية تمييز واضحة في توزيعها لصالح مسؤولين كبار في السلطة على حساب الفئات المستهدفة الأكثر إلحاحًا، والعمل دون خطة واضحة ومنشورة لعملية الحصول على اللقاح.
وشددت الجبهة في بيان لها، أمس، على ضرورة التزام حكومة اشتية بمعايير توزيع هذه اللقاحات وفقًا للبروتوكولات الدولية واستنادًا لتعليمات منظمة الصحة العالميّة، والتي تشدّد على ضرورة تحديد معايير واضحة لآليات توزيع اللقاحات.
وقالت: "يجب الأخذ بالاعتبار المرضى وزارعي الأعضاء وكبار السن وذوي الإعاقة والطواقم الطبيّة، مع أهمية تقديم كل الإرشادات والتعليمات الخاصة بهذه الآلية، وإيصالها للمواطنين من خلال بيانات صحافيّة رسميّة".
وعدّت الجبهة الشعبية أنّ "محدودية اللقاحات الموجودة لدى الجهات الرسميّة، تستوجب وضع معايير صارمة لهذه الآلية بإشراف وزارة الصحة بعيدًا عن تغَوُّل متنفذين ومسؤولين كبار في السلطة، وبرقابة متواصلة من القوى والمؤسّسات المختصة".
بدوره، عدَّ يوسف الحساينة عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي توزيع لقاحات فيروس كورونا بطريقة غير عادلة ومدروسة، "يساهم في حرمان فئات مستحقة من العلاج والوقاية من الجائحة".
وطالب الحساينة خلال تصريح صحفي، أمس، الأجهزةَ المختصة بضرورة مراعاة المعايير العلمية ومبادئ العدالة في التوزيع وعدم التمييز بين الفئات المجتمعية ولا حتى بين المحافظات.
وشدد الحسانية على أن المسئولية المجتمعية والأخلاقية تستوجب من الجهات المعنية بذل جهود أكبر في توفير اللقاحات للمواطنين الفلسطينيين كافة، وذلك بالتكاتف والتعاون مع جميع الجهات المحلية والدولية، مذكِّرًا بضرورة الإسراع إلى إعادة كامل الحقوق والخدمات لأبناء شعبنا في قطاع غزة المحاصر.
من جانبه، أكد عصام حج حسين، المدير التنفيذي لائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة أمان، أن توزيع اللقاحات ضد فيروس كورونا يجب أن تكون معلنة وفق بروتوكولات منظمة الصحة العالمية.
وقال حسين في حديث لصحيفة "فلسطين": "يجب أن يُراعى في توزيع اللقاحات العدالة وتكافؤ الفرص في عمليات التوزيع".
وأضاف حسين: "هذه الخطط تضمن تقليل فرص التعامل مع اللقاح بطريقة قد يشوبها بعض شبهات الواسطة والمحسوبية، الأمر الذي قد يمنح فرصًا أكبر لفئات على حساب فئات أخرى".
وقال الناشط في مكافحة الفساد بالضفة الغربية المحتلة، صهيب زاهدة: "إن توزيع اللقاحات على المقامات العليا، وتأخر وصوله إلى أبناء الشعب، يعد سببًا كافيًا لثورة شعبية لاسترداد إرادة الشعب"، وفق تعبيره.
وتساءل زاهدة في حديثه لصحيفة "فلسطين": "كيف يصل التطعيم ضد كورونا إلى موظفي وزارة الشؤون المدنية، ولا يصل إلى الأطباء والممرضين؟ وكيف يكون محتجزًا في مستودعات في نابلس دون أن يصل إلى الكوادر الطبية؟".
وأضاف زاهدة: "الفئات التي أعلنت عنها السلطة وحصلت على لقاحات كورونا هي غير مستحقة، والأولوية كان يجب أن تكون للكوادر الطبية وكبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة لحمايتهم من الفيروس".
بدوره، أكد الناشط المجتمعي كامل دنون أن توزيع اللقاحات على فئات غير مستحقة، "تعد جريمة وأحد مظاهر الفساد الذي يعاقَب عليها القانون".
وقال دنون لصحيفة "فلسطين": "الناس مدعوون إلى النزول للشارع والمطالبة بحقهم بالحصول على العلاج، والاحتجاج على توزيع اللقاحات على فئات غير مستحقة، وإغفال حق الأطباء؛ لكونهم خط الدفاع الأول لمواجهة كورونا.
وأوضح أن السلطة لم تحرم الأطباء من اللقاحات فحسب، بل تواصل حرمانهم حقوقَهم المالية، وتحرِّض المجتمع عليهم.
كذلك عدَّ الناشط في مكافحة الفساد عز الدين زعلول توزيع اللقاحات على فئات معينة "فسادًا ونقطة إضافية لضرورة إحداث التغيير".
وقال زعلول في منشور عبر حسابه في موقع "فيسبوك": "الناس ليسوا أغبياء. لذلك حان وقت التغيير".
مدير مكتب الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في جنوب الضفة الغربية فريد الأطرش أكد أن الطواقم الطبية التي تتعامل مع مصابي كورونا "لها الأولوية في الحصول على اللقاحات".
وكتب الأطرش في منشور عبر حسابه في موقع "فيسبوك": "العمال أيضًا في الداخل المحتل لهم أولوية، وكبار السن كذلك".