"ما الذنب الذي ارتكبناه حتى تُقطَع مخصصاتنا المالية".. يتساءل الجريح علاء أحمد بهذه الكلمات، بعد أشهر طويلة من قطع السلطة المخصص المالي الذي كان يتقاضاه وفق القانون الفلسطيني الذي يكفل للجرحى المصابين بنيران إسرائيلية راتبًا شهريًا.

ليس ذلك فحسب، فالأمر أيضًا طال طفلته وعد المصابة بضمور في الدماغ منذ أن أبصرت الحياة قبل 14 سنة من الآن، وقطعت السلطة عنها شيك الشؤون الاجتماعية الذي كانت تتقاضاه مرة كل أربعة شهور.

يقول أحمد (37 عامًا) إن راتب الجريح المخصص له قُطع عنه قبل سنة، في حين امتنعت وزارة الشؤون الاجتماعية في رام الله عن منْح وعد شيكَ الشؤون قبل قرابة سنة ونصف السنة من الآن.

وأصيب أحمد -أحد سكان مشروع بيت لاهيا شمالي قطاع غزة- بنيران جيش الاحتلال خلال اجتياحه بلدة جباليا عام 2005، وأصابته رصاصة إسرائيلية في الظهر مرورًا بجوار العمود الفقري، واستقرت في جوفه، وتسبب بإتلاف أجزاء من أحشائه.

ولإنقاذ حياته، اضطر الأطباء إلى استئصال أجزاء من المعدة والطحال والحجاب الحاجز-كما يقول أحمد لـ"فلسطين"- ويعيش الآن بنصف معدة ونصف طحال، وبأنبوب صدري زُرع بدلًا من الحجاب الحاجز.

ويشير إلى أنه بعد الإصابة تلقى راتب جريح لسنوات بقيمة 1300 شيكل، وبعد أن قُطع لم يترك جهة إلا وتوجَّه إليها من أجل استعادة المخصصات المالية له ولابنته وعد.

وأكمل: عندما توجَّهت إلى وزارة الشؤون الاجتماعية بغزة، أبلغني المسؤولون أن قطع هذه المخصصات حصل بسبب انتمائه السياسي.

غير أن أحمد الذي يفتقد أيَّ مصدر دخل آخر، ويعيل أسرة مكونة من 6 أفراد (زوجته و3 أولاد وبنتَيْن)، لا يعدُّ ذلك مبررًا لقطع شيك الشؤون الاجتماعية المخصص لوعد التي اختصرت حياتها على كرسي متحرك، لا تقوى على الحركة به إلا بمساعدة من حولها.

ودائمًا ما تنظر وعد حولها إلى أطفال بعمرها وتزيِّن ابتسامة واسعة وجهها النحيف، وهي لا تدري ما الذي يكابده والدها الذي اعتاد المشارَكةَ في الاعتصامات والاحتجاجات المناوئة لسياسة السلطة الفلسطينية في قطع رواتب الجرحى وأهالي الشهداء.

وعدَّ قطع راتبه والمخصص المالي لابنته المريضة "جريمة"، وأبدى خشيته على مستقبل وعد المنتمية لأسرة بسيطة لا يتحمل مسؤوليتها سوى الأب المكلوم.

وكانت وعد ووالدها من المشاركين، أمس، في وقفة تضامنية نظَّمها أهالي الشهداء والجرحى، أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمدينة غزة.

وقال المحرَّر محمد أبو جلالة المتحدث باسم أهالي الشهداء والجرحى والأسرى المقطوعة رواتبهم: إن " جسد الطفلة وعد لا يقدر على الحركة أو الكلام أو حتى النطق.. فأي ذنب ارتكبته لتقطع عنها الشؤون الاجتماعية؟".

وأضاف أبو جلالة في تصريح لـ"فلسطين" أن وعد لا تعي ما يجري من حولها، ولا تعرف فتح أو حماس والجهاد، ولا تدرك شيئًا يتعلق بالانتماء السياسي، فلماذا تعاقَب هذه الطفلة؟".

وتابع: "نريد من السلطة الفلسطينية إن كانت وطنية حقًا أن تعيد هذه الحقوق لأبنائنا والحفاظ على القانون وتطبيقه، ولا يحق لأحد أن يتعدى على حقوق أبناء الشعب الفلسطيني، لأن من يتعدى عليها يفقد شرعيته".

والطفلة وعد ليست وحدها ووالدها من قطعت مخصصاتهما المالية، إذ إن السلطة تقطع رواتب الآلاف من أهالي الشهداء والجرحى وأسرى محررين وآخرين لا يزالون معتقلين خلف قضبان سجون الاحتلال الإسرائيلي.

وبحسب معطيات حصلت عليها "فلسطين"، فإن 1943 عائلة شهيد لم تتلقَّ مخصصاتها المالية منذ عدوان 2014، في حين لم تتلقَّ أيضًا 1170 عائلة منذ العدوان على غزة عامَي 2008، و2012.

وتقطع السلطة المخصصات المالية عن 3170 عائلة؛ أبناؤهم إما شهداء وإما جرحى وإما أسرى، وذلك ضمن سلسلة إجراءات عقابية فرضتها على غزة في أبريل/نيسان 2017، وتسببت بتداعيات خطِرة على الظروف الحياتية بالقطاع.